قال بعض العلماء: لا يجوز أن يكون صيرفي بيت المال ذمياَ، لأنه لا يُقْبل قوله أنه جيد أو رديْ؛ لأن فيه مرتعاً فكيف بالاستخدام الذي تظاهرت النصوص على منعه قال الله تعالى: (وما كنت متخذ المضلين عضداً) وقال تعالى: (يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) فإذا أمر ربك بالإغلاظ فكيف تُقَّربهم وتُحَكِّمُهم. وقال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) وقال تعالى: (يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) وقال تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً وَدُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواهم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون) والمراد بالبطانة: من يطلع على حال المسلمين كالاطلاع على مقدار خزائنهم من المال أو عداد جيشهم من الرجال. وقوله: (لا يألونكم خَباَلا) أي: لا يقصرون، والخبال: هو الفساد أي لا يقصرون، ويجتهدون في إيصال الفساد إليكم. وقوله: (ودوا ما عنتم) : العَنَت: هو الضرر، ونحوه. أي: يودون ضَرَركم فتأمل هذه الآية العظيمة. وقال صلى الله عليه وسلم: " من ولى أمرأً من أمور أمتي فلم ينصح لهم، ولم يجهد، فالجنة حرام عليه " فأوجب الاجتهاد في الصلح عند تساويها في الصلاح. وقال: " من ولى شخصاً على أمر من أمور أمتي وهو يظن أن فيهم خيراً منه خان الله ورسوله ". وفي استخدام الكفار: من المفاسد العظيمة والأمور القبيحة والأحوال الشنيعة مالا يرضاه العدو لعدوه خصوصاً أن يرضاها عدو المسلمين لأمة محمد عليه الصلاة والسلام. ومنها زعمهم أن البلاد إلى الآن ملكهم وأن المسلمين قد أخرجوهم منها بغير استحقاق فيسرقون الأموال ما قدروا عليه، ويعتقدون أنهم لم يخونوا ولم يظلموا، ويرون أن احتمال المصادرة والعقوبة عنهم كاحتمال المرض قد يطرأ على الصحة، ويتواصون على الصبر على العقوبة وإظهار تجلد، فإن اضطروا إلى الإعطاء أخرجوا أقل القليل، فأعطوا بعضه و " برطلوا " ببعضه إلى أن يخلصوا. فمن هذا حاله في اعتقاده وفعله لا يحل لأحد توليته. ومنها أن كثيراً من بلاد المسلمين المرصدة لمصالح المسلمين، والجارية في إقطاع الأمراء والأجناد وكذلك الصدقات الموقوفة على فقراء المسلمين كبلد نسترده وغيرها يخرجونه إلى أنفسهم، وإلى الكنائس و " الديورة " مع أنه لا يجوز صرف شيء من ذلك إليهم وقد قدر على قطعة فلم يفعل، ومكنهم من أخذه وسلطهم عليه ضمنه في الدنيا وطولب به يوم القيامة، وقد تفاحش حالهم في هذه الخصلة حتى تعدى إلى المرتبات والرزق الجارية في مصالح المساجد، فيحملون الأمير الذي يباشرون عنده على قطعها بكل طريق يقدرون عليه إظهاراً للتوفرة عليه، والشفقة، ثم بعد ذلك يخرجونها لأنفسهم وكنائسهم وقد خربت كثير من المساجد القديمة العُمَرِية فدخل المعين لهم على ذلك تحت الوعيد الشديد في قوله: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) ومنها: أنهم يتحيلون في كل وقت على حريق الجوامع والمساجد، وأملاك المسلمين ويحترق بسببه خلائق من الرجال والنساء والأطفال وقد وقع ذلك قريباً في " عام الغفار " وهو سنة سبع وأربعين ومُسكوا واعترفوا على جماعة مباشرين وأنهم أعانوهم فتحيلوا بإعطاء بعض ما سرقوه بمعاونة كبارهم، والمتحكمين منهم فأفلتوا ولم ينل أحداً منهم مكروه، ولو وقع ذلك لشريف لحل به من العقوبة مالا يوصف. فتأمل - وفقك الله - هذه المفاسد وتدبرها مع أن الأملاك التي أحرقوها خراب إلى الآن مشاهدة فاعتبروا يا أولي الأبصار وكل ذلك فيه تحقيق لقوله تعالى: (لا يألونكم خبالا) أي: لا يقصرون في فساد يوصلونه إليكم. انتهى كلام الشيخ جمال الدين رحمه الله.
وقال شيخنا: ومن البدع ما يعمل في " النيروز " من المآكل والمشارب والمفاسد فإن ذلك موافقة للنصارى في أعيادهم ومواسمهم، ولا يجوز موافقتهم في شيء من ذلك، ولا يجوز موافقتهم في المواسم في أكل اللبن وغيره وما يفعل من " نزول الشمس من قطع الكركيش "، " وسبت الظلام " وكل ذلك بدع محرمة يحرم على المسلم مشاركتهم في شيء منها، وقبول هديتهم في مواسمهم بخلاف غيرها.