وهو من الرذائل المسقطة للشهادة وهو من أعمال قوم لوط. وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يتبع حمامة يلعب بها فقال: " شيطان يتبع شيطانه ". قاله البيهقي رحمه الله وحمله بعض أهل العلم على " ارمان " صاحب الحمام على إطارته والاشتغال به وارتقابه السطوح التي يشرف منها على بيوت الجيران وحُرمهم لأجله ثم أسنده عن أبي موسى رضي الله عنه قال: " كان ملاعب آل فرعون الحمام ".
وعن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال: " من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حتى يذوق الفقر ". وعن سفيان الثوري رضي الله عنه قال: سمعت أن اللعب بالحمام هو من عمل آل لوط. قال الشيخ جمال الدين: واتخاذها للفراخ أو حمل " البطايق " فيجوز ويكره اللعب بالمراجيح.
قال عالم من علماء السنة: ففي الحديث الصحيح " كل لهو باطل إلا رمي الرجل بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله ". قال الحليمي رحمه الله: كل ما يتلهى به الرجال فيما لا فائدة فيه في العاجل ولا في الآجل فهو باطل والإعراض عنه أولى إلا هذه الأمور الثلاثة فهي من الحق.
فقد ورد فيهما أخبار وآيات وجملة القول فيها أن اللعب بهما على شرط المال حرام بإنفاق واللعب بهما على غير شرط المال مختلف فيه. قال: وتحريمه عندي اشبه، ومذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى مكروهة كراهة تحريم. وسئل الإمام أحمد عن الشطرنج أمن الحق هو؟ قيل: فما بعد الحق إلا الضلال ... !! وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من لعب بالنرد شير فكأنما غمس يده في لحم الخنزير ودمه ". أخرجه مسلم. قال الحليمي رحمه الله: ومعنى هذا عند أهل العلم أي هو كمن غمس يده في لحم الخنزير، ودمه بهيئته لأنه يأكله. وبالجملة فإن اللعب النرد كأكل لحم الخنزير. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لعب بنرد أو نردشير فقد عصى الله ورسوله ". عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها أرسلت إلى قوم سكان في دار لها عندهم نرد تقول لهم: " لئن لم تخرجوه وإلا أخرجتكم من داري وأنكرت ذلك عليهم ". وفي الموطأ عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا وجد أحداً من أهله يلعب بالنرد ضربه وكسرها. وعن ابن عمر رضي الله عنه: كان يقول: " النرد هو الميسر ". ذكره البيهقي. قال الماوردي: النرد موضوع على البروج الاثنى عشر والكواكب السبعة لأن بيوته اثنا عشر، ونقطة من جانبي العرض سبعة وهو فارسي معرب ومعنى شير: حلو. وأول من وضعه: أردشير بن بابك. عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: " من لعب بالكعبين على قمار فكأنما أكل لحم الخنزير ومن لعب بها على غير قمار كالمدهن شحم خنزير ".
وأنواع القمار كثيرة والقمار أخذ المال بنظير عوض على وجه المغالبة إما بعلم الإنسان، وإما بقوة حيوان يملكه، وإما بطاب، أو شطرنج، أو نرد، أو رمي فلوس في حفرة، أو نطاح كباش، أو نقار ديوك، أو غير ذلك. وقد غلب ذلك، وكل ما علق عليه رهن فهو حرام باطل إلا ما استثناه الشرع، من هذا الأصل الممنوع وهو ثلاثة أشياء لأجل مصلحة الجهاد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا سبق ألا في خف أو حافر أو نصل " فالسبق اسم المال المشروط على مسابقة الإبل وهو الخف، وعلى مسابقة الخيل وهو الحافر، وعلى المناصلة بالنشاب وهو النصل، فلا يحل أخذ مال بالمغالبة إلا في هذه الثلاثة على الشروط التي بينتها الفقهاء في كتب الفقه حتى يخرج عن القمار المحظور خشية الوقوع، ولا بد من محلل بغنم ويغرم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لأن أُقَلْقِلَ جمرتين في يدي حتى تنطفئ أحب إلي من اللعب بالكعبين. وعن علي رضي الله عنه أنه مر بقومٍ يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ فلأن يمسي أحدكم جمراً حتى يطفاء خير له من أن يمسها. وكان يقول الشطرنج ميسر الأعاجم. وسئل ابن عمر رضي الله عنه عن الشطرنج فقال: هي شر من النرد. وقال أبو موسى الأشعري: لا يلعب بالشطرنج إلا خاطئ.