قال القرطبي رحمه الله: سمعت بعض من نكب عن الحق، وعدل عن سواء الطريق وقد اجتمع حوله جماعة من الفقراء يقول: السماع بالطارات والشبابات مع الوجوه الحسان والسمع الموجود - جائز وهو مذهبي وبه أقول! فوقع بيني وبينه كلام وهجران، فقلت له: هذا قول مرغوب عنه وفعل حرام بإجماع المسلمين على ما نقله أئمتنا إذ هو فسوق ولأن الطبع البشري يحمل على النظر، وينفح في القلب ما لا يحل، ومن قال إن طباعه مخالفة طبع البشر كذب. فأجاب دافعاً عن نفسه بأن قال: إنما عنيت بالوجوه الحسان التي يتقرب إلى الله تعالى فقلت له: هذا تأويل غير مستقيم وتورية على غير المنهج القويم فكان ينبغي أن يقيد إطلاق كلامك، حتى لا يفهم منه غير ذلك وإنما يتقرب إلى الله تعالى بالقلوب الخاشعة والأفئدة الخاضعة الذي خضعت لعزته، ووجلت لعظمته، وعرفته حق معرفته قال الله تعالى: (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) وقال تعالى: (ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق) . ولم يقل وجوههم الحسان. وفيض العين، واقشعرار الجلد، إنما يكون صادراً عما حل في القلب من الواردات وهذه الأحوال لا تفتقر إلى سماع أوتار، ولا شبابة وطار، ثم كيف يجوز أن يعبر فيه عن الحق بليلى وسُعْدى بلفظ مؤنث، وإطلاقه على الله إذ فيه تشبيه بالكفرة والَضلال في إطلاقهم لفظ التأنيث على آلهتهم قالوا: اللات والعُزى ومناة الثالثة الأخرى نعوذ بالله من المآثم والمعاصي، ونشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، ونسأله العافية والعصمة إنه على كل شيء قدير.
قال شيخنا رحمه الله: اللعب بالشطرنج مكروه، وقيل: حرام وعلى الأول فإنما يجوز بشروط: الأول: أن لا يكون فيه تصاوير وإلا فيحرم قطعاً.
الثاني: أن لا يكون فيه مال وإلا فهو قمار.
الثالث: أن لا يضيع حقاً عليه فإن اشتغل به عن الكسب للعيال فحرم في هذه الأحوال.
الرابع: أن يسلم لسانه من الغيبة والبهتان، وسمعه عن استماع ذلك.
الخامس: أن لا يداوم على لعبه فالمداومة عليه تسقط الشهادة.
السادس: أن لا يلعب به على الطريق ذكره بعضهم.
السابع: هو كاللعب بالمنقلة.
قال الدميري: وكره ابن الأثير اللعب بالمنقلة وشطرنج المغاربة كما هو مبين في المطلب والجواهر والمهمات ونقل نافع عن سفيان الثوري عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ملعون من لعب الشطرنج، والناظر إليها كآكل لحم الخنزير ". ومر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم يلعبون الشطرنج فقال: " ما هذه الكربة ألم أنه عن هذا؟! لعنة الله على من لعب بها ". وعن عبد الله بن عمر قال: سئل عمر رضي الله عنه عن الشطرنج قال: " هي شر من النرد ".
وهي كاللعب بالشطرنج لأنها تحتاج إلى فكر ونظر والشطرنج بفتح الشين وكسرها والفتح أشهر وقال: إن صاحب الشطرنج أكذب الناس يقول: قتلت وما قتل. وعن واثلة بن الأسقع أنه قال: " إن الله ينظر إلى الخلق كل يوم مائة وستون نظرة ليس لصاحب الشطرنج منها نصيب ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون بالأزلام - الشطرنج والنرد - فلا تسلموا عليهم ". وروى البيهقي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: اللعب ليس من صفة أهل الدين والمروءة ".
وهو قريب من اللعب بالنرد وهو حرام.
" فرع " قال الشيخ كمال الدين الدميري: أفتى الشيخ رحمه الله بتحريم الطاب لأن المعتمد فيه على تخرجه الجرايد الأربع وسئل عنه شيخنا فأجاب بالكراهة، والتحريم فيه أظهر.
فإن كان فيه " مال " فهو قمار. قال الشيخ كمال الدين الدميري: وأما الكمنجة فإن كان فيها عرض فحرام، فلاشك أنه قمار واللعب بالحمام مقتضى كلام الرافعي في باب المسابقة.