وأما سماع الغناء من المرأة الأجنبية والأمرد فمن أعظم المحرمات وأشدها فساداً في الدين. قال الشافعي رحمه الله: وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ترد شهادته وغلظ القول فيه ثم قال: هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثاً. قال القاضي أبو الطيب: وإنما جعل صاحبها سفيها لأنه دعا الناس إلى الباطل ومن دعا الناس إلى الباطل كان سفيهاً. واعلم أن سماع الغناء من المرأة الأجنبية والأمرد يهيج الباه. وسئل بعضهم عن السبب الذي يهيج قال: عناء من خلقٍ سيىء، وحديث من وجه جميل. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب؛ ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق. واختار بعض العلماء أنه لا يسمع الإنسان من الأمرد قراءة القرآن، وقد كان السلف الصالح رحمهم الله إذا مر أحدهم بغلام أمرد حسن الوجه يفر منه كفراره من الأسد خوفاً على نفسه من الفتنة فلا تتعرض أيها العاقل لهذه المحنة. سألت جارية بشر الحافي عن باب حرب فأجابها، ثم جاء بعدها بغلام حسن الوجه فسأله فأطرق بشر، فردد الغلام السؤال فغمض الشيخ عينيه، فقال الفقراء للغلام: الباب بين يديك فلما غاب الشاب فتح الشيخ عينيه فقال الفقراء للشيخ يا أبا نصر جاءتك جارية فكلمتها وأجبتها وجاءك غلام فلم تكلمه؟ فقال: روى عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: إذا أقبلت المرأة أقبل معها شيطان وإذا أقبل الأمرد أقبل معه شيطانان فخفت على نفسي من شيطانيه. وقال الجنيد رحمه الله: دخل رجل على الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - وكان الداخل من رؤساء الناس ومعه ابنه وهو حسن الوجه والمنظر فقال له أحمد - رحمه الله -: لا تأتِ به معك مرة أخرى. قال: وقال أسامة رحمه الله: كنا نقرأ على شيخ فبقى عنده غلام يقرأ عليه فأردت القيام فأخذ بيدي وقال: اصبر حتى يقرأ هذا الغلام فكره أن يخلو به. وكان أبو حنيفة رحمه الله يجلس محمد بن الحسن خلفه ثم يعلمه خوفاً من الفتنة واباعاً للسنة فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقان أمرد منبين يديه فأجلسه خلفه.
ومن السنة أن لا يمكن الرجل ولده إذا كان صبيا من التبرج والخروج إلى الأمكنة التي يخاف منها الفتنة خوفا من الفساد واشتغال قلوب العباد، ولا يمكن من الاختلاط بالرجال، ولا يدفع مع الفسقة إلى الحمام، ولا يجالس أهل العربدة والعوام، هذا كلام شيخنا رحمه الله.
" مسألة " الاستمناء باليد كبيرة ويجيء يوم القيامة ويده حبلى فأتق الله يا أخي عافانا الله وإياك. " مسألة " الصلج حرام فإذا استمنى شخص بيده عزر؛ لأنها مباشرة محرمة بغير إيلاج، وتفضي إلى قطع النسل فحرم كمباشرة الأجنبية فيما دون الفرج وقد جاء " ملعون من نكح يده ".
" مسألة " وإن استمنى فأنزل إن كان صائماً بطل صومه لأنه إنزال عن مباشرة، وهي كالإنزال عن الفعل، ولأن الاستمناء كالمباشرة فيما دون الفرج، من الأجنبية في الإثم والتعزير، وكذلك في الإفطار ومن استمنى فعليه القضاء. وقال الشيخ شهاب الدين بن الصلاح فيما أفتى به: إن الاستمناء باليد حرام، وبقطعة لحم أشد وأقبح، واستمناء المرأة بإدخال شيء في فرجها حرام، وذلك كله معصية توجب التعزير على فاعلها. نعم إذا استمنى الرجل بيد زوجته أو جاريته حلال لأنه من جملة الاستمتاع المأذون فيه وله الاستمتاع والإيلاج في جميع معاطف بدنها إلا حلقة الدبر، وإلا ما بين السرة والركبة في أيام الحيض خاصة. وأما الصبي الذي يدخل في دبره شيئا فيجب على وليه المبادرة إلى منعه بالضرب، وغيره، ويحرم عليه إهمال ذلك والسكوت عليه ويأثم الولي بإغضائه وسكوته عنه انتهى.
" مسألة " قال ابن القيم وأما وطء البهيمة فللفقهاء فيه ثلاثة أقوال: