فالسيدة خديجة صاغت من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -
دليلاً على أن الله لن يخزيَه أبداً.
وامتداد القصة - في الصحيح - تأتي بشارة "ورقة بن نوفل"
وكان عالماً بالكتب السابقة، يكتب بالعبرانية، فأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ببعض ما سيعاني، قياساً على معاناة الأنبياء السابقين،
فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى.
وفي البخاري "الذي نزله الله على موسى" يا ليتني فيها جذعاً. ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك.
قال: أو مخرجي هم؟
قال: نعم، لم يأت أحدٌ قومه بمثل ما جئت به إلا عُودىَ وأُوذى.
وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً "
وفيات مشاهر الأعلام الذهبي جـ 1 صـ 118"
المهم عندي هو استدلال خديجة بأخلاقه - صلى الله عليه وسلم - على نبوته. وقد صدَّق ورقة نبوءتها بمعلومات عامة لأن كبر السن، والمفاجأة، ورهبة الشعور بأنه يجلس أمام نبي، حالت بينه وبين مراجعة ما قرأ ليستدل على نبوة محمد - كما فعل الحبر والراهب بحيرى - من قبل.
ومعلوم أن التوراة والإنجيل مصدران وافيان بالدلائل على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وبعد:
فالدور العظيم الذي أدّته أمّ المؤمنين السيدة خديجة - رضي الله عنها - يفسّر سرَّ اختيار الله لها زوجةً للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنها تكبره بخمسة عشر عاما.
أولاً: استدلت بأخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - على نبوتّه.
وهذا سَبْقٌ عقلي كبير.
ثانيا: جعلت مالها تحت تصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - في خدمة دعوته. حتى يمكن أن أقول: لا يستطيع مُؤرّخ مُنصف أن يكتب تاريخ الدعوة الإسلامية، وأسباب نجاحها، بمعزل عن مال السيدة خديجة، ومال عثمان بن عفان - رضي الله عنهما -