بدأت الرحلة من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} (سورة المجادلة)
ووصل بالأمة إلى إعداد مجتمع يقبل لأول مرة في تاريخه نظام الحاكم الواحد.
وقد بلغ من شدة حرصهم على النظام الجديد "نظام الحاكم الواحد" أن يقوم الصحابة باختيار حاكم أعلى للأمة قبل أن يقوموا بدفن جسمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك حتى لا تخلو أعناقهم يوما من بيعة.
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفرض هذا النظام الجديد بالسيف بل بالكلمة. فالصحابة اجتمعوا لاختيار الخليفة بمجرد فراغ الساحة منه.
لأن النبي أعدهم لهذا النظام.
" مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً " (رواه مسلم. 3441) .
بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - درّبهم تدريباً طويلاً على قبول نظام الدولة والحاكم الواحد.
فقد طلب من كل جماعة "ثلاثة كانوا أو أكثر" يسافرون. طلب منهم ضرورة أن يولُّوا واحداً منهم.
يقول الإمام ابن تميمة: في ذلك ضرورة أن يكون فيما هو أكثر. (الحسبة صـ 11)
وتربية الأمة وتدريبها على قبول نظام الدولة الواحدة، والقائد الواحد، أخذ من النبي - صلى الله عليه وسلم - جهداً كبيراً.
إن الرجل الذي سجلت كتب السنة تربيته لأمته في أدب الطعام "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النفخ في الشراب (أبو داود) "
"وأمرنا بغسل اليدين قبل الأكل (النسائي) "
هو الرجل الذي طلب من هذه الأمة أن تتحملّ "نفسياً" تكاليف الخضوع للحاكم الواحد.