زاوية (العظمة الفارغة) و (القوة الغاشمة) حملتها على ارتكاب الخطيئة من جديد، فكانت (حرب الجزائر).
لقد ظنت فرنسا، أن ما فعلته في الجزائر طوال (قرن وربع القرن) قد دمر كل جذور الأصالة الدينية والقومية والوطنية، حتى لم يعد في الجزائر إلا فرنسا الاستعمار والصليبية.
وظنت فرنسا، أن العامل (الجيواستراتيجي) وقرب المسافة من فرنسا، سيمنع كل (تمرد) أو (ثورة).
وأطلق المجاهدون شرارة الثورة التي أحرقت السهل والجبل، ومضت فرنسا على طريقتها التقليدية في محاولات متفائلة في البداية، ويائسة في النهاية، للتشبث بخرافة (الجزائر الفرنسية).
وكان الصراع المرير والشامل؛ فقد ألقت فرنسا بكل ثقلها، وتحالفت مع كل قوى الاستعمار في الغرب الاستعماري لقمع ثورة الأحرار المؤمنين المجاهدين، وكان للثورة بدورها محيطها العربي الإسلامي، فكان من الطبيعي أن تتسع دائرة الصراع السياسي لتتجاوز حدود ميادين الصراع المسلح. وفي هذا المجال، كانت ترسانة الاستعمار حافلة بكل مخزون (اللعب الاستعمارية) غير أن المجاهدين الذين تمرسوا على أيدي الاستعمار بالألاعيب الاستعمارية لم يعودوا عاجزين عن رؤية أهدافهم بوضوح تام.
واضطلعت القيادة الثورية التاريخية بأعباء قيادة الصراع السياسي، وأمكن لها هز العالم وإثارته، بما حققته من تنسيق رائع بين (الجهد السياسي) و (الجهد العسكري)، وكان لا بد في النهاية من الوصول بالصراع إلى نهاياته الحتمية، وتحقيق الانتصار لمصلحة المجاهدين المؤمنين.