وتبقى (الثورة الجزائرية) العملاقة منجما ثرا للتجربة التاريخية في التعامل مع الاستعمار التقليدي. لقد خاض الشعب الجزائري المجاهد التجربة المريرة، ووصل بها حتى نهايتها، ولم تكن هذه التجربة محددة بميدان الأعمال القتالية على الثرى الجزائري الطهور، وإنما كانت أكثر شمولا وأكثر اتساعا، حتى أنها شغلت العالم طوال سنوات الصراع.
لقد أخذ الاستعمار التقليدي في التقلص والانكماش منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، غير أن فرنسا خاصة، والدول الأوروبية عامة (هولاندا والبرتغال وبلجيكا) وجدت من الصعب عليها التكيف مع المستجدات الدولية، أو التنازل للدولتين العظميين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي) عن امتيازاتها التقليدية. ومن أجل ذلك، خاضت فرنسا حرب الهند الصينية (فييتنام) بوحشية وضراوة حتى اقتنعت بعجز قواتها عن مجابهة تيار التاريخ، وكان من المفروض أن تفيد فرنسا قبل غيرها من تجربتها الذاتية، فتتجنب الوقوع في أخطائها، غير أن رؤيتها للأمور من خلال زاوية محددة،