وبعد!
بمثل تلك النماذج البشرية العليا انتصرت الثورة الجزائرية.
وبمثل ذلك الإيمان العميق استطاعت جزائر الثورة إنجاز هدفها العظيم.
لم يكن المجاهدون جميعهم على درجة واحدة من الصبر والثبات والإيمان والقدرة على احتمال كره القتال. غير أن النماذج (الممتازة)، إذا جاز التعبير، قد دعمت روح الثورة بنوع من الصوفية وإنكار الذات لا يعرفه إلا المجاهدون حقا وصدقا.
ترى هل كان باستطاعة جزائر الثورة الصمود في وجه أشرس حرب استعمارية عرفتها دنيا الاستعمار لو لم يتوافر لها جيل كامل من رواد الثورة العربية الإسلامية؟ ...
لقد مارست فرنسا وجندها ضد شعب الجزائر وثورته ما لا قبل لفرد أو لشعب باحتماله؛ تقتيل وإبادة، إحراق وتدمير، نهب وسلب، انتهاك للحرمات، قمع يعجز القلم عن وصفه ويقصر الخيال عن تصوره، وصمد الشعب الجزائري طوال سبع سنوات ونيف. فأية قوة تلك التي استطاعت احتمال هذا القدر من الجرائم الإنسانية، والخروج من ذلك كله بالنصر؟
إنها قوة الإيمان، ولا شيء غير الإيمان.