جلاديهم الأعداء. وعلى الرغم من ذلك، فلم يحصل الجلادون من أسراهم على أية معلومات من تلك التي أوصدت دونها صدور المجاهدين.
علمت والدة (سي الشيخ) بمصرع ابنها وهي في (نيد روما). وكانت مثلها كمثل بقية السكان، قد غادرت الدوار، تاركة أرضها وثروتها. فاتخذت المرأة العجوز قرارها بالسير عبر دروب (فيلاوسين) الضيقة حتى ترى جسد ابنها الحبيب، وتودعه الوداع الأخير، مهما كلفها ذلك من جهد وعناء. وأمكن لها الوصول إلى (الدوار) ثم إلى المكان الذي استشهد فيه البطل. فرأت بأن الفلاحين في (عين فارو) وهو الدوار الذي يبعد مسافة أربعة كيلومترات عن (ولد بن راشد) قد قاموا بواجبهم الديني بعد ابتعاد الأوغاد، ودفنوا جثته.
مضى عام على ذلك. وفي يوم 3 آذار - مارس - 1958، على وجه التحديد، تلقت هذه المرأة الشجاعة صدمة جديدة. فقد أقدم القتلة على اغتيال زوجها، بذات الرصاص الذي قتلوا فيه ابنها، وذلك في وسط مدينة (نيد روما) ومعه سبعة من رفاقه. وكان ذلك بعد مضي ثلاثة أشهر من قصف دوار (ولد بن راشد). وهو القصف الذي أزال هذا الدوار من عالم الوجود.