استقر جسد البطل (سي الشيخ) فوق أرض الحقول، وأحاط به قتلته وهم ينظرون إليه بحزن وأسف، لقد أرادوه حيا حتى ينفثوا فيه بعض حقدهم الأسود، غير أنه لم يمكنهم من إشفاء غليلهم ونيل مبتغاهم. وها هي حبات المطر، تأتي لتغسل له وجهه، وتكشف عن بيانه الناصع والذي كان يعبر، وهو في جموده، عن تحد مشوب بالاحتقار لهؤلاء الجنود الذين جاؤوا من العالم الغريب. وما لبث (نبلاء التهدئة) حتى انسحبوا تاركين (الشهيد) في وسط الحقول، والتحقوا بقافلة الأسرى للبدء بتنفيذ مذبحتهم، فصفوا خمسة من الأسرى أمام رفاقهم، وقتلوهم بسيل من رصاصهم، وكانوا يعتزمون متابعة العملية عندما وصلتهم الأوامر بالعودة إلى الثكنات، فتقرر نقل الأسرى إلى سجون (العين الكبيرة). وعند الاقتراب من أحد المنحدرات، اقترب الجنود من بعض أسراهم، وأقنعوهم بإنقاذ أنفسهم عن طريق محاولة الفرار، وتجربة حظهم. وأسرع أربعة من هؤلاء الأسرى في عدوهم يسابقون الريح، غير أنهم لم يبتعدوا أكثر من أمتار قليلة عندما حصدهم سيل من الرصاص، فسقط ثلاثة على الفور، وتمكن المجاهد (مجيدي حسين) من الفرار وحده، بعد أن أصابته جراح عميقة في فخذه، وأمكن له الاختفاء في ملجأ يصعب اكتشافه في غيضة من الغياض. وقد بحث الجند الفرنسيون طويلا في محاولة للعثور عليه غير أن محاولتهم باءت بالفشل (وعاد هذا المجاهد فالتحق بقوات جيش التحرير الوطني عندما شفيت جراحه).

وصلت قافلة الأسرى إلى سجن (العين الكبيرة) مع هبوط الظلام. ولم يسمح لهم بالحصول على أي فرصة للراحة، حيث بدأت على الفور عملية تعريضهم للتعذيب الوحشي على أيدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015