هذه المسؤولية، فأسرع بالخروج من ملجئه. ووقف على عتبة عرينه، شامخا، وعلى بعد أمتار فقط من الضابط الذي وقف في انتظاره.

وقف (سي الشيخ) وهو يتأمل بنظره هؤلاء الذين جاؤوا من عالم غريب ليمارسوا ما أطلقوا عليه اسم (تهدئة البلاد). لقد جاؤوا من بلاد يزعمون أنها (بلاد متحضرة) و (بلاد متمدنة) تمثل القوة فأين تكمن هذه القوة؟ وهل من القوة التعامل بوحشية مع النساء والأطفال، ومع الشيوخ والأسرى المجردين من كل سلاح؟ أية قوة برهن عليها هذا العالم النذل الجبان؟ فهل تكمن القوة فقط في كتلة هذه الدبابات الضخمة والمنتشرة في كل مكان ومعها أسراب طائراتها ومدفعيتها؟ كلا: إن القوة، كل القوة، هي تلك القدرة الكامنة في الإيمان، وبالثقة العميقة في الشعب. وتابع (سي الشيخ) التجول بنظراته الحارقة وهو يتأمل تلك الجموع من الخونة، ثم تقدم قليلا وفتشه الضابط تفتيشا دقيقا، ثم سأله عن الأسلحة، فأجاب الشيخ: (ليت لدي أيه قطعة سلاح. لقد دمرتها) وصاح به الضابط: (هيا عد، وهات ما بقي منها).

رجع (سي الشيخ) إلى المتاهة (التيه). وفي هذه اللحظة قرر يقينا المجازفة، فإما أن يكسب حريته وإما أن يموت دونها. وأخذ في انتظار اللحظة المناسبة وهو في ظلمة دهليز الكهف، متحفزا لاغتنام أول بادرة. وجاءته الفرصة غير المتوقعة، فقد تم استدعاء الضابط الذي كان ينتظره من قبل قائده الواقف مع بقية الأسرى. ولم يبق هناك غير جندي وقف منتظرا خروج الأسير من الكهف. وانزلق (سي الشيخ) برفق نحو المخرج، واندفع من الفتحة بسرعة مذهلة، وضرب الجندي على كتفه ضربة أفقدته توازنه، وقفز من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015