على هذا خرجت المجموعة الأولى من الرجال، ولكن ما إن صنعتهم نسمات الهواء النقية حتى فقدوا وعيهم وسقطوا على الأرض، فأيقظتهم من إغماءتهم ضربات أقدام الجنود الأوغاد المشتركة مع ضربات أخماص - أعقاب - بنادقهم. وجرت مناقشة قصيرة بين المرتزقة الفرنسيين قرروا بعدها استخدام الأسرى كستار للحماية واقتحموا بهم الزوايا الأمامية من الكهف، فعثروا على كافة الرجال تقريبا. وتم إخلاء رجال المقاومة من غير مقاومة، فيما كان هدير الرعد في السماء يقصف بصورة مرعبة. واستعاد كل رجل من الرجال وعيه، ورجعت إليه أفكاره بتأثير صدمة الرعد، ومياه الأمطار التي مسحت وجوه المعذبين فأنعشتها وأعادت إليها حيويتها. وعندها أخذ المرتزقة المجرمون في إطلاق عنانهم لممارسة وحشيتهم. فبدؤوا باقتياد الرجال ودفعهم نحو الطرف المرتفع من الكهف، وانطلقوا يضربونهم بقسوة فوق الأرض المتموجة. وتطورت النوبة الجنونية - الهستيرية - لهؤلاء الأوغاد الأنذال فقذفوا بالأسرى داخل حفر عميقة تم إعدادها لهذه الغاية، فغاص الأسرى بالوحل حتى لم يعد يظهر إلا رؤوسهم المعروضة لسيل المطر، وشهدت السماء ما فعله جند الاستعمار الذين أخذوا يمتعون أنظارهم بهذا المشهد الغريب، ويشفون غليل حقدهم من مجاهدي شعب صابر. ولم يتوقف جند الاستعمار عن ممارساتهم، إلا للتأكد من شخصية كل واحد من الأسرى. وإذ ذاك تبين لهم غياب الشخص الأول الذي يريدونه ويبحثون عنه: (الثائر - أو الفلاقة - سي الشيخ). وأرسلت برقية فورية: (لا زال هناك شخص في الكهف) وأسرع أفراد زمرة من القتلة لينذروه بأنه: إذا لم يخرج خلال ربع ساعة، فسيعملون على إعدام كافة رفاقه. ولم يكن باستطاعة (سي الشيخ) احتمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015