وكذلك فإن الإنسان إذا لاحظ أن صاحب البيت قد أحرج وخرج إليه في حال غير مناسبة فلا يدخل، بل إنه ينصرف ((فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى عتبان رضي الله عنه واستأذنه فخرج إليه ورأسه يقطر ماءً، فقال: لعلنا أعجلناك؟ قال: نعم يا رسول الله!) والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى سعد بن عبادة ولم يسمع رداً انصرف ولم يلح، فإذاً إذا تبين إنسان أنه قد أحرج صاحب البيت فلينصرف ويعتذر عن حضوره في وقتٍ غير مناسب، إلا إذا لاحظ أن صاحب البيت يريده فعلاً أن يدخل فإنه يدخل.
ولذلك الآن من الأمور التي أهلكتنا قضية المجاملات الفارغة، يعني: مثلاً واحد أوصل الثاني إلى بيته بعد العمل بعد تعبه وإرهاقه وعرقه وجوعه، الذي حصل وصله إلى البيت، فهذا الذي ينزل بيته يقول: تفضل معنا، هل هو يقصد فعلاً حقيقة هذه الكلمة؟ لا يقصدها، بدليل أنه لو تفضل معه لصارت نكبةً عليه، هذه تفضل معنا يعني: مع السلامة، لكنهم يقولونها بعبارةٍ أخرى، فلذلك ينبغي عدم الوقوف عند هذه الألفاظ المجردة، بل ننظر إلى ما وراء ذلك من المعاني والأحوال.