ومما ينبغي للمستأذن ألا يجعل استئذانه متواصلاً، أأدخل، أأدخل، أأدخل، ثم ينصرف فهذه صارت مثل واحد يريد ألا يدخل، أعط فرصة لصاحب البيت، ويكون بين كل استئذان والآخر وقتٌ يسير، أما قرع الباب بعنف ويضغط الجرس عشرين مرة كما يفعل بعض الناس، والصياح لصاحب الدار فهذا فيه إيذاء وإيحاش، والله سبحانه وتعالى عاتب الأعراب فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} [الحجرات:4 - 5] فهؤلاء كانوا يأتون عند بابه ويصوتون ولا يصبرون، والأولى للإسماع، والثانية ليأخذ الحذر والأهبة أهل البيت، والثالثة ليأذنوا وإن شاءوا ردوه، الأولى استعلام، والثانية تأكيد، والثالثة إعذار، الثلاث وردت في أشياء كثيرة أنها منتهى الأمر، وكذلك فإن الخضر بعد الثلاث امتنع عن مرافقة موسى؛ المرة الأولى قد يكون الإنسان جاهلاً، المرة الثانية قد يكون ناسياً، المرة الثالثة أقيمت عليه الحجة، ما بقي بعد ذلك سبب.
الطلاق ثلاث مرات: المرة الثالثة ليس فيها رجعة، فنجد أن الثلاث في الشريعة جاءت في أمورٍ كثيرة أنها منتهى الأجل ونهاية المطاف.