ومن السنن المتعلقة بالسواك: ما عنون له البخاري رحمه الله في صحيحه: باب دفع السواك إلى الأكبر عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أراني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان، أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر منهما) رواه البخاري.
قوله: (أراني) من الرؤية، وفي رواية: (رأيت في المنام) وعلى هذا فيكون من الرؤيا بالألف، (فقيل لي) القائل هو جبريل عليه السلام، (كبر) أي: قدم الأكبر في السن، وجاء هذا الحديث عند أحمد والبيهقي بلفظ: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن فأعطاه أكبر القوم ثم قال: إن جبريل أمرني أن أكبر) وهذه الرواية تقتضي أن القصة هذه وقعت يقظةً، والذي قبلها يفهم منها أنها وقعت في المنام، فكيف نجمع بينهما؟ نقول: إن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم عليه الصلاة والسلام بما رآه في المنام تنبيهاً على أن أمره بذلك بوحي متقدم.
وجاء بإسنادٍ حسنٍ عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان، فأوحي إليه أن أعط السواك الأكبر) وفي هذا احترام كبير السن وتقديم ذي السن في السواك.
وهنا في كلام ابن بطال رحمه الله في شرح صحيح البخاري جوابٌ على سؤالٍ يرد كثيراً: بمن نبدأ؟ قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام، فإذا كان عندك جماعة يريدون أن يتحدثوا فإنه يبدأ الأكبر فيهم، وإذا أردت أن تدخل مع أحد من الباب وهو الأكبر قدِّم الأكبر، وإذا أردت أن توزع أشياء على أشخاص كأن تريد أن تعطي شراباً في المجلس فابدأ بالأكبر ثم من عن يمينه، لتجمع بين هذا وهذا، لكن إذا لم يكونوا مترتبين في الجلوس، كأن يكونوا واقفين وجئت ومعك إناء لبن فإنك تعطي الأكبر، فإذا ترتبوا في المجلس فالسنة تتعين إعطاء الأيمن، قال بعضهم: أيمن الأكبر، أي: يبدأ بالأكبر، ثم من عن يمينه، كما قدم للنبي عليه الصلاة والسلام الإناء فأعطى الأعرابي ولم يعط أبا بكر؛ لأن الأعرابي كان عن يمين النبي عليه الصلاة والسلام، هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذٍ تقديم الأيمن، وقد أقر ابن حجر هذا الكلام بقوله: وهو صحيح.