سفر نامه (صفحة 56)

وَهُوَ الْمعز لدين الله استولى على بِلَاد الْمغرب حَتَّى الأندلس ثمَّ سير جَيْشًا نَحْو مصر وَكَانَ لابد لهَذَا الْجَيْش أَن يعبر النّيل وَهَذَا أَمر غير مستطاع أَولا لِأَن النّيل عَظِيم الاتساع وَثَانِيا لِأَنَّهُ مَمْلُوء بالتماسيح الَّتِي تجذب إِلَى قاعه فِي الْحَال كل من يعبر وَيُقَال إِنَّه فِي الطَّرِيق قرب مَدِينَة مصر طلسم يحمي الْإِنْسَان وَالدَّوَاب من هَذَا الشَّرّ وَلَكِن أَثَره يبطل على مَسَافَة رمية سهم من الْمَدِينَة فَلَا يَجْرُؤ أحد أَن يقترب من النّيل قيل ان الْمعز أرسل جَيْشه فَنزل حَيْثُ الْقَاهِرَة الْيَوْم وَقد أَمر جُنُوده قَائِلا حِين تصلونَ الى النّيل ينزل المَاء أمامكم كلب أسود فيعبر النَّهر فَاتَّبعُوهُ واعبروا آمِنين قيل وَقد بلغ هَذَا الْمَكَان ثَلَاثُونَ ألف فَارس كلهم خدم الْمعز وَقد انْطلق الْكَلْب سابحا أمامهم وَسَارُوا على أَثَره وعبروا من غير حَادث وَلم يقل أحد قطّ ان فَارِسًا عبر نهر النّيل رَاكِبًا وَكَانَت هَذِه الْحَادِثَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثلثمائة 973 قد حضر السُّلْطَان الى مصر عَن طَرِيق الْبَحْر فأفرغت السفن الَّتِي حضر بهَا قرب الْقَاهِرَة وأخرجت من المَاء وَتركت كَأَنَّهَا أَشْيَاء لَا غناء فِيهَا وَقد رأى رَاوِي هَذِه الْقِصَّة نَاصِر خسرو تِلْكَ السفن وَهِي سبع طول الْوَاحِدَة مائَة وَخَمْسُونَ ذِرَاعا وعرضها سَبْعُونَ وَقد مضى عَلَيْهَا هُنَاكَ ثَمَانُون سنة وَكَانَ ذَلِك سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة 1046 حِين بلغ الرَّاوِي هَذَا الْمَكَان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015