عِنْد عدن وَيتَّجه نَحْو الشمَال فَإِذا بلغ القلزم انْقَطع وَيُقَال أَن عرضه مِائَتَا فَرسَخ ويفصله عَن مصر جبال وصحراء لَا مَاء فِيهَا وَلَا نَبَات
وَمن يُرِيد الذّهاب إِلَى مَكَّة من مصر يلْزمه الاتجاه نَحْو الشرق فَإِذا بلغ القلزم وجد طَرِيقين أَحدهمَا بري وَالْآخر بحري وَهُوَ يبلغ مَكَّة عَن الطَّرِيق الأول فِي خَمْسَة عشر يَوْمًا فِي صحراء طولهَا ثَلَاثمِائَة فَرسَخ وَتذهب عَن هَذَا الطَّرِيق مُعظم القوافل الْآتِيَة من مصر فَإِذا سَار عَن طَرِيق الْبَحْر يبلغ الْجَار فِي عشْرين يَوْمًا وَهِي مَدِينَة صَغِيرَة من الْحجاز تقع على شاطئ الْبَحْر وَمِنْهَا إِلَى مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أَيَّام وَمن الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة مائَة فَرسَخ
فَإِذا جَاوز الْجَار وواصل السّير فِي الْبَحْر بلغ سَاحل الْيمن وَمن هُنَاكَ إِلَى سَاحل عدن فَإِذا جاوزه يَنْتَهِي إِلَى الْهِنْد وَهَكَذَا حَتَّى الصين وَإِذا سَار من عدن إِلَى الْجنُوب مائلا نَحْو الغرب فَإِنَّهُ يذهب إِلَى زنجبار والحبشة وسأشرح ذَلِك فِي مَكَانَهُ
وَإِذا سَار من مصر إِلَى الْجنُوب وَجَاوَزَ ولَايَة النّوبَة بلغ ولَايَة المصامدة وَهِي أَرض ذَات مراع وَاسِعَة وفيهَا دَوَاب كَثِيرَة وسكانها سود كبار الْعِظَام غِلَاظ أقوياء البنية وَيكثر الْجند مِنْهُم فِي مصر وهم قباح الصُّورَة ضخام الجثة يسمون المصامدة يُحَاربُونَ راجلين بِالسَّيْفِ والحربة وَلَا يَسْتَطِيعُونَ اسْتِعْمَال غَيرهَا من الْآلَات
أول مَدِينَة يصل إِلَيْهَا الْمُسَافِر من الشَّام إِلَى مصر هِيَ الْقَاهِرَة وَتَقَع مَدِينَة مصر جنوبها وَتسَمى الْقَاهِرَة (المعزية) وَيُقَال للمعسكر (الْفسْطَاط) يرْوى أَن أحد أَبنَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحُسَيْن بن عَليّ صلوَات الله عَلَيْهِنَّ أَجْمَعِينَ