وَخمسين فرسخا والقيروان ولَايَة مدينتها الْكُبْرَى سجلماسة الَّتِي تقع على بعد أَرْبَعَة فراسخ من الْبَحْر وَهِي مَدِينَة كَبِيرَة فِي الصَّحرَاء وَبهَا حصن مُحكم وبجانبها المهدية الَّتِي بناها الْمهْدي أحد أَبنَاء أَمِير المؤمين الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بعد استيلائه على الْمغرب والأندلس وَهِي فِي هَذِه الْأَيَّام تَابِعَة لسلطان مصر وَيسْقط الْبرد فِي القيروان وَلكنه لَا يمْكث على أرْضهَا وَيتَّجه الْبَحْر شمالا ويسير نَاحيَة الْيَمين الى الأندلس
وَبَين مصر والأندلس ألف فَرسَخ وسكانها جَمِيعًا مُسلمُونَ وَهِي ولَايَة كَبِيرَة جبلية ينزل فِيهَا الْبرد ويتجمد سكانها بيض وشعرهم أَحْمَر وَأَكْثَرهم كالصقالبة عيونهم كعيون القطط وَتَقَع الأندلس فِي نِهَايَة بَحر الرّوم فالبحر شَرْقي بِالنِّسْبَةِ لأَهْلهَا وَإِذا ذهب السائر من الأندلس شمالا جِهَة الْيَمين متتبعا الشاطئ فانه يبلغ بِلَاد الرّوم وَكَثِيرًا مَا يغزون الرّوم من الأندلس
وَمن الْمُمكن أَن يركب الْمُسَافِر الْبر الى الْقُسْطَنْطِينِيَّة اذا اراد وَلَكِن لَا بُد من اجتياز خلجان كَثِيرَة عرض كل مِنْهَا مِائَتَا فَرسَخ اَوْ ثلثمِائة فَرسَخ لَا يُمكن اجتيازها الا بالسفن والمعابر
وَقد سَمِعت من ثِقَة أَن مُحِيط هَذَا الْبَحْر أَرْبَعَة آلَاف فَرسَخ وَأَن فرعا مِنْهُ يدْخل بِلَاد الظُّلُمَات كَمَا يُقَال وَأَن نِهَايَة هَذَا الْفَرْع متجمدة دَائِما لِأَن الشَّمْس لَا تبلغه
وَمن جزائر هَذَا الْبَحْر صقلية وتبلغها السَّفِينَة من مصر فِي عشْرين يَوْمًا وَهُنَاكَ جزر كَثِيرَة غَيرهَا وَيُقَال ان صقلية ثَمَانُون فرسخا فِي ثَمَانِينَ وَهِي ملك سُلْطَان مصر وتغادرها كل سنة سفينة تحمل المَال الى مصر ويجلبون مِنْهَا كتانا رَقِيقا وثيابا منقوشة يُسَاوِي الثَّوْب مِنْهَا فِي مصر عشرَة دَنَانِير مغربية
وَإِذا سَار السائر من مصر شرقا يبلغ بَحر القلزم والقلزم مَدِينَة على شاطئ الْبَحْر بَينهَا وَبَين مصر ثَلَاثُونَ فرسخا وَهَذَا الْبَحْر فرع من مُحِيط يتَفَرَّع