جَامع وحمامات وكل مَا يَنْبَغِي لمدينة من مهمات وَيذكر اسْم سُلْطَان الْولَايَة فِي الْخطْبَة هَكَذَا الْأَمِير الْأَعْظَم عز الْإِسْلَام سعد الدّين نصر الدولة وَشرف الْملَّة أَبُو نصر أَحْمد وَقد بلغ الْمِائَة من عمره وَيُقَال إِنَّه حَيّ والرطل هُنَاكَ أَرْبَعمِائَة وَثَمَانُونَ درهما وَقد بنى هَذَا الْأَمِير مَدِينَة على مَسَافَة أَرْبَعَة فراسخ من ميافارقين سَمَّاهَا الناصرية وَمن آمد إِلَى ميافارقين تِسْعَة فراسخ
فِي السَّادِس من شهر دي الْقَدِيم (22 ديسمبر 1036) بلغنَا آمد الَّتِي شيدت على صَخْرَة وَاحِدَة طولهَا ألفا قدم وعرضها كَذَلِك وَهِي محاطة بسور من الْحجر الْأسود كل حجر مِنْهُ يزن مَا بَين مائَة وَألف من وَأكْثر هَذِه الْحِجَارَة ملتصق بعضه بِالْبَعْضِ من غير طين أَو جص وارتفاع السُّور عشرُون ذِرَاعا وَعرضه عشر أَذْرع وَقد بني على بعد كل مائَة ذِرَاع برج نصف دائرته ثَمَانُون ذِرَاعا وشرفاته من هَذَا الْحجر بِعَيْنِه وَقد شيدت فِي عدَّة أَمَاكِن دَاخل الْمَدِينَة سلالم من الْحجر ليتيسر الصعُود إِلَى السُّور وَقد بنيت قلعة على قمة كل برج ولهذه الْمَدِينَة أَرْبَعَة أَبْوَاب كلهَا من الْحَدِيد الَّذِي لَا خشب فِيهِ يطلّ كل مِنْهَا على جِهَة من الْجِهَات الْأَصْلِيَّة وَيُسمى الْبَاب الشَّرْقِي بَاب دجلة والغربي بَاب الرّوم والشمالي بَاب الأرمن والجنوبي بَاب التل وخارج هَذَا السُّور سور آخر من نفس الْحجر ارتفاعه عشر أَذْرع وَمن فَوْقه شرفات فِيهَا ممر يَتَّسِع لحركة رجل كَامِل السِّلَاح بِحَيْثُ يَسْتَطِيع ان يقف فِيهِ ويحارب بسهولة وَلِهَذَا السُّور الْخَارِجِي أَبْوَاب من الْحَدِيد شيدت مُخَالفَة لأبواب السُّور الداخلي بِحَيْثُ لَو اجتاز السائر أَبْوَاب السُّور الأول وَجب عَلَيْهِ اجتياز مَسَافَة لبلوغ أَبْوَاب السُّور الثَّانِي وَهَذِه الْمسَافَة تبلغ خمس عشرَة ذِرَاعا وَفِي وسط الْمَدِينَة عين يتفجر مَاؤُهَا من الْحجر الصلب وَهَذَا المَاء من الغزارة بِحَيْثُ يَكْفِي لإدارة خمس طواحين وَهُوَ غَايَة فِي العذوبة وَلَا يعرف أحد من أَيْن يَنْبع وَفِي الْمَدِينَة أَشجَار وبساتين تَقِيّ من هَذَا المَاء وأمير الْمَدِينَة وحاكمها هُوَ ابْن نصر