رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يخرج ويدوم ذَلِك إِلَى قرب منتصف النَّهَار وَيُوَلُّونَ وُجُوههم أثْنَاء صلَاتهم بِالْكَعْبَةِ نَحْو الْبَاب مَعَ جَوَاز التَّوَجُّه نَحْو الجوانب الْأُخْرَى وَقد أحصيت النَّاس فِي وَقت كَانَت الْكَعْبَة ممتلئة فِيهِ حَتَّى لم يكن بهَا مَكَان لداخل فَكَانُوا عشْرين وَسَبْعمائة رجل وَعَامة حجاج الْيمن يشبهون الهنود فَكل مِنْهُم يتشح بفوطه وشعورهم متدلية ولحاهم مضفرة وَفِي وسط كل مِنْهُم حَرْبَة قطيفية كَالَّتِي يتمنطق بهَا الهنود وَيُقَال إِن أصل الهنود من الْيمن وَأَن قتالة أَصْلهَا كتارة (الحربة) ثمَّ عربت وبفتح بَاب الْكَعْبَة أَيَّام الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس وَالْجُمُعَة من أشهر شعْبَان ورمضان وشوال فَإِذا جَاءَ ذُو الْقعدَة أغلق الْبَاب
على أَرْبَعَة فراسخ من شمال مَكَّة مَكَان يُسمى الْجِعِرَّانَة كَانَ بِهِ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ جَيْشه فِي السَّادِس عشر من ذِي الْقعدَة فَأحْرم مِنْهُ وَجَاء إِلَى مَكَّة وأعتمر وَهُنَاكَ بئران بِئْر الرَّسُول وبئر عَليّ بن أبي طَالب صلوَات الله عَلَيْهِمَا وَمَاء البئرين عذب جدا وَبَينهمَا عشر أَذْرع وَقد اتَّخذت هَذِه الْعمرَة النَّبَوِيَّة سنة تُؤدِّي فِي هَذَا الْمَوْسِم وَقرب البئرين صَخْرَة كَبِيرَة فِيهَا فجوات كَأَنَّهَا كؤوس يُقَال إِن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عجن الدَّقِيق فِيهَا بيدَيْهِ وَالَّذين يزورون هَذَا الْمَكَان يعجنون الدَّقِيق بِأَيْدِيهِم بِمَاء هذَيْن البئرين ويتخذون من الْأَشْجَار الْكَثِيرَة هُنَاكَ وقودا للخبز الَّذِي يرسلونه إِلَى الأقطار تبركا وَهُنَاكَ أَيْضا صَخْرَة كَبِيرَة مُرْتَفعَة يُقَال إِن بِلَالًا الحبشي كَانَ يقف عَلَيْهَا وَيُؤذن للصَّلَاة ويصعد عَلَيْهَا الزائرون ويؤذنون وَحين كنت بالجعرانة كَانَ بهَا نَاس كَثِيرُونَ وَكَانَ بهَا أَكثر من ألف جمل بالعمارات مِمَّا يبين كَثْرَة الزائرين الآخرين