وَتَحْت السّقف الْمُحِيط بِالْمَسْجِدِ بِجَانِب الْحَائِط صناديق من جَمِيع مدن الْمغرب ومصر وَالشَّام وَالروم والعراقين وخراسان وَمَا وَرَاء النَّهر وَغَيرهَا
وعَلى مَسَافَة أَرْبَعَة فراسخ شمَالي مَكَّة نَاحيَة تسمى برقة بهَا أَمِير مَكَّة مَعَ جَيش خَاص بِهِ وَهُنَاكَ مَاء جَار وأشجار ومساحتها فرسخان طولا فِي مثلهمَا عرضا
فِي هَذِه السّنة كنت بِمَكَّة مجاورا مُنْذُ أول رَجَب وعادتهم أَن يفتحوا بَاب الْكَعْبَة كل يَوْم فِي هَذَا الشَّهْر مُنْذُ شروق الشَّمْس
امتازت قَبيلَة من الْعَرَب تسمى بني شيبَة بِحِفْظ مِفْتَاح بَاب الْكَعْبَة وهم خدمها وَكَانَ لَهُم خلع ومشاهرات من سُلْطَان مصر وَلَهُم رَئِيس بِيَدِهِ الْمِفْتَاح وَحين يَجِيء يصاحبه خَمْسَة أَو سِتَّة أَفْرَاد وَحين يصلونَ يَنْضَم اليهم عشرَة من الْحجَّاج فيرفعون السّلم الَّذِي قدمنَا وَصفه ويضعونه أَمَام الْبَاب فيصعد هَذَا الشَّيْخ وَيقف على العتبة ويصعد بعده رجلَانِ ويرفعان الستار والديباج الْأَصْفَر يمسك كل مِنْهُمَا طرفا مِنْهُ بِحَيْثُ يحجب الشَّيْخ وَهُوَ يفتح الْبَاب يفتح الشَّيْخ القفل وينزعه من الْحلق بَيْنَمَا الْحجَّاج وقُوف أَمَام الْكَعْبَة فحين يفتح الْبَاب يرفعون أَيْديهم بِالدُّعَاءِ فَيعرف كل من يسمع صوتهم بِمَكَّة أَن بَاب الْكَعْبَة قد فتح فيرفع النَّاس جَمِيعًا أَصْوَاتهم عالية وَيدعونَ رَبهم وتحدث جلجلة عَظِيمَة بِالْبَلَدِ ثمَّ يدْخل الشَّيْخ بَيْنَمَا الرّجلَانِ يمسكان الستار وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يعود فَيفتح الْبَاب على مصراعيه وَيقف على العتبة وَيقْرَأ الْخطْبَة عَلَيْهِم بِصَوْت مُرْتَفع وَيُصلي على رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَوَات وَالسَّلَام وعَلى أهل بَيته ثمَّ يقف الشَّيْخ وَأَصْحَابه على جَانِبي بَاب الْكَعْبَة بَيْنَمَا يَأْخُذ الْحجَّاج فِي الصعُود وَدخُول الْكَعْبَة فَيصَلي كل مِنْهُم