منتظراً، إلى أن يقدم عليه، فسبق صلاح الدين ووصل إلى الكرك وحصره.
وسار نور الدين فوصل إلى الرقيم وبينه وبين الكرك مرحلتان فخاف صلاح الدين، واتفق رأيه ورأي أهله على العود إلى مصر لعلمهم بأنهما متى اجتمعما كان نور الدين قادراً على أخذ مصر منه.
فعاد إلى مصر وأرسل الفقيه عيسى إلى نور الدين يعتذر عن رحيله بأنه كان استخلف أباه نجم الدين أيوب على مصر، وأنه بلغه أنه مريض، ويخاف أن يحدث به حادث الموت فتخرج البلاد عن أيديهم، ولم يكن مريضاً، وأرسل مع الفقيه عيسى من التحف والهدايا ما يجل عن الوصف، فجاء إليه فأعلمه برسالة صلاح الدين، فعظم ذلك عليه ولم يظهر التأثر بذلك، وقال: حفظ مصر أهم عندنا.
واتفق أن صلاح الدين وصل إلى مصر فوجد أباه قد سقط عن الفرس، وبقي أياماً ومات، وهو غائب عنه، في السابع والعشرين من ذي الحجة من سنة ثمان وستين وخمسمائة.
وخاف صلاح الدين من نور الدين أن يدخل مصر فيأخذها منهم، فشرع في تحصيل مملكة أخرى لتكون عدة له بحيث أن نور الدين إن غلبه إلى الديار المصرية سار هو وأهله إليها وأقاموا بها.
فسير أخاه الأكبر تورانشاه بإذن نور الدين له في ذلك، وسيره قاصداً عبد النبي ابن مهدي، وكان دعا إلى نفسه، وقطع خطبة بني العباس، فمضى إليها، وفتح زبيد وعدن ومعظم بلاد اليمن.