أشار به عليه والده فترك نور الدين قصده، واشتغل بغيره.
وخرج نور الدين بالعساكر، ففتح حصن عرقة، وصافيتا، وعريمة، ونهب وخرب بلاد الفرنج ثم هادنهم.
ثم إن الفرنج ساروا إلى بلد حوران في سنة ثمان وستين للغارة، فسار نور الدين إليهم، فنزل عشترا، وسير عسكره إلى أعمال طبرية، فغنموا غنائم عظيمة، وعادوا.
وكان نور الدين قد استخدم مليح بن لاون، ملك الأرمن، وأقطعه أقطاعاً من بلاد الإسلام، وحضر معه حروباً متعددة فأنجده في هذه السنة بطائفة من عسكره، فدخل مليح إلى أذنة وطرسوس والمصيصة، وفتحها من يد ملك الروم، وأرسل إلى نور الدين كثيراً من غنائمهم وثلاثين أسيراً من أعيانهم.
وقصد قلج أرسلان ذا النون بن الدانشمند صاحب ملطية وسيواس، وأخذ بلاده، وأخرجه عنها طريداً، فاستجار بنور الدين، ووصل إليه فأكرمه، وسير إلى قلج أرسلان يشفع إليه في إعادة بلاده إليه، فلم يفعل، فسار نور الدين إليه في هذه السنة فابتدأ بكيسوم، وبهسنى، ومرعش، ومرزبان، وما يليها. وكان ملكه مرعش، وفي أوائل ذي القعدة، والباقي بعدها.
وسير طائفة من عسكره إلى سيواس، فملكها وراسله قلج أرسلان في الصلح، وأتاه من أخبار الفرنج ما أزعجه فصالحه، وأعطى سيواس ذا النون، وجعل معه قطعة من عسكره، وشرط على قلج أرسلان إنجاده بعساكره إلى الغزاة.
واتفق نور الدين وصلاح الدين على أن يصل كل واحد منهما من جهته، وتواعدا على يوم معلوم على أن يتفقا على قتال الفرنج، وأيهما سبق أقام للآخر