عقيما، عُمْيَان قد هجرت الكحال، وأملت فِي رد أبصارها الْمحَال. مَا الَّذِي رابكم، أنس الله اغترابكم، من سيرة السّلف الَّذين تجروا وكسبوا وانتموا لغنى الأكف وانتسبوا، وتصدقوا ووهبوا، وَجَاهدُوا وحجوا وَمَا انحرفوا وَلَا لجوا، وبسيرة أَعْمَالهم احْتَجُّوا، وَسعوا والتمسوا، وأكلوا الطّيب ولبسوا، وجوارحهم بميزان الشَّرِيعَة، أرْسلُوا وحبسوا، وَشهد لَهُم بالخلاص عقدهم الَّذِي حفظوا ودرسوا، لم يزمعوا لغير الضَّرُورَة طَلَاقا، وَأَشْفَقُوا من فِرَاق أَهْليهمْ إشفاقا، وَلَا حلوا لحسن الْعَهْد نطاقا، وَلَا قتلوا أَوْلَادهم إملاقا، وَلم يضرهم مَعَ الاسْتقَامَة معاشهم، وَلَا قطع بهم عَن الله أثاثهم وَلَا رياشهم، بل إِلَى فِئَة الْحق انحياشهم، وَأَنْتُم على الْحَقِيقَة، وَمن لكم بذلك أوباشهم، فَإِن قُلْتُمْ وَسعوا مَا ضَاقَ عَنهُ احتمالنا، وَلم تستطعه أَعمالنَا، فَهَلا تفطنتم وتنبهتم، وتكلفتم هديهم وتشبهتم. أتظنون أَنهم غَابَ عَنْهُم مَا أدركتم، أَو عجزوا عَمَّا إِلَيْهِ تحركتم، وهب أَن ثمَّ مقامات عالية، ولمقدمات أصل الشَّرِيعَة بزعمكم بالية، هلا استربتم إِذْ لم تدركوها، وَإِن لم تحصلوا مِنْهَا إِلَّا على أَن تحكوها، فرجعتم إِلَى الأَصْل الْمُجَرّد. وَالطَّرِيق الْمُقَرّر، فَمن ضل وَجب عَلَيْهِ أَن يعرس حَتَّى يصبح، ويبدو المهيع ويتضح، فاقتحام المفاز بِلَا دَلِيل شَأْن غير النَّبِيل، وبالانقطاع كَفِيل، وَيَا ليتكم بَلغْتُمْ دَرَجَة البله الْمَشْهُود بتوفيقهم، وَصِحَّة طريقهم، وَمن أجهده الْحزن أمْهل، وَمن تحير وَجب عَلَيْهِ أَن يسْأَل، وَيتْرك اللجاج أجمل، وَلم ير فِي الْأَمر حَتَّى يتَأَوَّل، وَمن لم يستيقن فَلَا يستعجل، وَالطَّرِيق الَّذِي احتقرتم، وَالله أهمل، وأحجكم بالشيخ عبد الْجَلِيل الَّذِي ظلمتموه، وبكشف الغيوب اتهمتموه، وبالولاية حددتموه ورسمتموه، وَهُوَ يقوم على السَّلب بيعا وشرا، واعتمارا وكرا، وَيصْلح من كرمه الَّذِي لم يعه، فَإِن قُلْتُمْ ذَلِك شيخ هِدَايَة، فقد كَانَ ذَا بداية، ومفتقرا مثلكُمْ إِلَى داية، فَلم تلح عَلَيْهِ من شَيْء مِمَّا أَنْتُم عَلَيْهِ آيَة، وَلم يُطلق زوجه مجَّانا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015