المتوعد ممسكها بِالْوَيْلِ، أَيْن الْجِهَاد وارتباط الْخَيل، أَيْن الْحَج وركبانه، تتدافع تدافع السَّيْل، أَيْن تِلَاوَة الْقُرْآن الَّذِي تطمئِن بِهِ الْقُلُوب، أَيْن الْخلق الَّذِي لَا يَصح دونهَا الْمَطْلُوب، أَيْن الْحَظ المغلوب، أَيْن الصَّبْر والسكون، وانتظار الْفرج مِمَّن يَقُول للشَّيْء كن فَيكون، أَيْن قيدها وتوكل، أَظُنهُ أشكل، أَيْن الأنفة من الاشتهار، أَيْن الْأنس بالخلوة بَيَاض النَّهَار، عدل عَن ذَلِك كُله إِلَى الْبُخْل على الْمَسَاكِين، والسلاطة على أهل الدكاكين، وهجر الممورد الْمعِين، والتعويل على الْوُصُول إِلَى الله من خرجَة ابْن سبعين. والحرمان تتضاعف مكاسبه، والمقصد الْخَبيث يمده الشَّيْطَان بِمَا يُنَاسِبه، مقَام التَّوْبَة لم يحصل، وَسُوء الْولَايَة تفصل، وعقود العقد الصَّحِيح لم تبرم، والمحرمات بعد لم تحرم، والمواجد لم يخْطب الْمحل الأكرم، الْقَوَاعِد بعد مضاعة، وَمَعْرِفَة الله قد حفلت براعة، الْخلق لم تهذب، والنفوس فِي التمَاس الْكَمَال تعذب، ثَمَرَات الْعَمَل لم تحصد، وغاياتها فِي الحوانيت تقصد، كَانَ جُمْهُور الْمُسلمين همج مهمل، كَأَن الْأَنْبِيَاء لم تبين مَا يعْمل، كَانَ الشَّرِيعَة لَيْسَ لأوضاعها سوق، وَلَا لنخلها بسوق، كَأَن الشَّافِعِي أَو مَالك لَيْسَ بسالك، وَإِن مَا دون أشياخكم هَالك، هَذَا لَو كَانَ لكم أَشْيَاخ، أَو لمسير جيرتكم مناخ. إِنَّمَا هِيَ أَعْلَام للشهرة تنصب، وتيجان للخطوب تعصب النسي يذكر، وَالذكر ينسى، وَظُهُور الْوَلَد وَالْمَسَاكِين تعرى، والخليلي يكسى، وابدأ بِمن تعول يُوسع رسمه طمسا، والاعتدال يحكم فِيهِ الْجِدَال، بِاللَّه خلوا عَنْكُم الِاصْطِلَاح الْخَالِي، وَهَذَا التَّنْوِين الغالي مَعَ حرمَان المخالي، والقنوع بالقراغ مَعَ حرونة المراغ، والغليان الَّذِي يبغضكم إِلَى الله وَإِلَى خلقه، وهم الشُّهَدَاء فِي رقة مَعَ الْغَفْلَة عَمَّا أوضح لكم المشرع من حَقه، وتخطى الظَّاهِر الْمَضْمُون إِلَى الْمُشكل المظنون، فَلَو كَانَ سيركم مُسْتَقِيمًا، لم يكن الْقيَاس