الْحَمد لله الَّذِي أقسم بالقلم تَفْضِيلًا وتشريفا، واستخدمه من فَوق الطباق السَّبع، فَأَسْمع من أسرى بِهِ إِلَى حَضْرَة الْجمع صريفا، وَعلم الْإِنْسَان مَا لم يعلم، فأحله بذلك محلا شريفا، وَصَرفه فِي كِتَابَة الْوَحْي تصريفا، وَجعله نايب اللِّسَان بَيَانا للأمور الغايبة عَن الْبَيَان وتعريفا، ومقيدا لما يذهب بذهاب الزَّمَان تدوينا وتصنيفا، فلولاه لم ندر شرعا وَلَا تكليفا، وَلَا اجتلينا خَبرا طريفا، وَلَا استطلعنا لعلم تأليفا، سرا غَرِيبا، وَمعنى لطيفا، يحار فِيهِ الْإِدْرَاك، وَإِن لم يكن بليدا كثيفا، ويموج بَحر الِاعْتِبَار، محيطا بذوي الاستبصار مطيفا. وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد رَسُوله الَّذِي كَيفَ أَسبَاب السَّعَادَة تكييفا، وَهدى بِهِ صراطا قويما، ودينا حَنِيفا، وَجعله أَمينا، كي لَا يستدعى توهم الِاكْتِسَاب لما جَاءَ بِهِ من النُّبُوَّة وَالْكتاب قولا سخيفا، وَمَا أوهم الالتباس بِالْأَمر الشريف كَانَ شريفا. والرضى عَن آله وَأَصْحَابه الَّذين كتبُوا الْوَحْي بأقلامهم، وجودوا نَقله عَن أعلامهم، لَا يقبل تبديلا، وَلَا تحريفا، وَكفى بذلك، للكتابة وَالْكتاب، فخرا لزيما أليفا، فَأَنِّي، وَمَا أولى أنيتي بالمجاز عِنْد الِاخْتِصَاص بِمَعْرِِفَة نَفسِي، والامتياز لما كبح السن عناني، وَعمر التشمير للرحيل عَن الرّبع الْمُحِيل جناني، وَاسْتقر على الزّهْد فِيمَا [يجمع ويؤلف] ، ويدون ويصنف شاني، وَإِن عذل العاذل، وَرَغمَ الشاني، بقيت فِي لفتيات الْبَيَان، البديع الْأَثر والعيان، عقايل نظرة، وبقايا هوى لَا يبرح من بعد المشيب عشاق بني عذره،