تنغصت عِنْده لَذَّة النَّبِيذ من أحس بلغط الحرس فَوق جِدَاره لم يصغ بسمعه إِلَى نَغمَة الْعود، من تَيَقّن نذل الغزلة هان عِنْده عز الْولَايَة.
(مَا قَامَ خيرك يَا زمَان بشره ... أولى لنا مَا قل مِنْك وَمَا كفا)
أوحى الله إِلَى مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ، أَن ضع يدك على متن ثَوْر، فبقدر مَا حازته من شعره تعيش سِنِين، فَقَالَ يَا رب وَبعد ذَلِك، قَالَ تَمُوت، وَقَالَ يَا رب فَالْآن.
(رأى الْأَمر يُفْضِي إِلَى آخر ... فصير آخِره أَولا)
إِذا شَعرت نَفسك آلي بالميل إِلَى شَيْء مَا عرض عَلَيْهَا غُصَّة فِرَاقه ليهلك من هلك عَن بَيِّنَة. وَيحيى من حيى عَن بَيِّنَة، فالمفروح بِهِ، هُوَ المحزون عَلَيْهِ، أَيْن الأحباب مروا، فيالت شعري أَيْن استقروا، واستكانوا لله واضطروا، واستغاثوا بأوليائهم فَفرُّوا، وليتهم إِذْ لم ينفعوا مَا ضروا، فالمنازل من بعدهمْ خَالِيَة خاوية، والفروس ذابلة ذاوية، وَالْعِظَام من بعد التَّفَاضُل متشابهة مُتَسَاوِيَة، والمساكن تندب فِي أطلالها الذناب العادية:
(صحت بِالربعِ فَلم يَسْتَجِيبُوا ... لَيْت شعري أَيْن يمْضِي الْغَرِيب)
(وبجنب الدَّار قبر جَدِيد ... مِنْهُ يستسقى الْمَكَان الجديب)
(غاص قلبِي فِيهِ عِنْد التماحي ... قلت هَذَا الْقَبْر فِيهِ الحبيب)
(لَا تسل عَن رجعتي كَيفَ كَانَت ... إِن يَوْم الْبَين يَوْم عصيب)
(باقتراب الْمَوْت عللت نَفسِي ... بعد الغي وكل آتٍ قريب)
أَيْن المعمر الخالد، أَيْن الْوَلَد أَيْن الْوَالِد، أَيْن الطارف أَيْن التالد، أَيْن المجادل أَيْن المجالد، هَل تحس مِنْهُم من أحد أَو تسمع لَهُم ركزا، وُجُوه