عَلَيْهِ من الذّكر الحميد ليَأْخُذ بِالْحجرِ والأطواق من الْعَذَاب الشَّديد. وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان، ونعلم مَا توسوس بِهِ نَفسه، وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد، إِذْ يتلَقَّى المتلقيان عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد، مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد، وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد، وتفخ فِي الصُّور ذَلِك يَوْم الْوَعيد، وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سَابق وشهيد، لقد كنت فِي غَفلَة من هَذَا، فكشفنا عَنْك غطاءك فبصرك الْيَوْم حَدِيد، صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله صَلَاة تقوم بِبَعْض حَقه الأكيد، وتسرى إِلَى تربته الزكية من ظُهُور المواجد الْخفية على الْبَرِيد.
(قعدت لتذكير وَلَو كنت منصفا ... لذكرت نَفسِي فَهِيَ أحْوج للذِّكْرَى)
(إِذا لم يكن منى لنَفْسي واعظ ... فياليت شعري كَيفَ يفعل فِي أُخْرَى)
آه، آه، أَي [وعظ بعد] وعظ الله يَا أحبابنا يسمع، وفيماذا وَقد تبين الرشد من الغي يطْمع، يَا من يُعْطي وَيمْنَع إِن لم تتمّ الصنيعة فَمَاذَا أصنع، أجمعنا بقلوبنا، يَا من يعرف الْقُلُوب وَيجمع، ولين حديدها بِنَار خشيتك فقد استعاذ نبيك من قلب لَا يخشع، وَمن عين لَا تَدْمَع. اعلموا يَرْحَمكُمْ الله أَن الْحِكْمَة ضَالَّة الْمُؤمن، يَأْخُذهَا من الْأَقْوَال وَالْأَحْوَال، وَمن الجماد وَالْحَيَوَان، وَالسّنة الملوان، فَإِن الْحق نور لَا يضرّهُ أَن يصدر من الخامل، وَلَا يقْتَصر بمحموله اقْتِصَار الْحَامِل، وأنكم تَدْرُونَ أَنكُمْ فِي أطوار سفر لَا يسْتَقرّ لَهَا دون الْغَايَة رَحْله، وَلَا تتأتى مَعهَا إِقَامَة وَلَا مهلة، من الأصلاب إِلَى الْأَرْحَام إِلَى الْوُجُود، إِلَى الْقُبُور، [إِلَى النشورا] إِلَى إِحْدَى دَاري الْبَقَاء أَفِي الله شكّ، فَلَو أبصرتم مُسَافِرًا فِي الْبَريَّة يَبْنِي ويعرش، ويمهد ويفرش، ألم تَكُونُوا تضحكون من جَهله، وتعجبون من