قدري مكاشفة سيادتك بِهَذَا البث، فِي الأسلوب الغث، فَالْحق أقدم، وبناؤه لَا يهدم، وشأني مَعْرُوف فِي مُوَاجهَة الْجَبَابِرَة على حِين يَدي إِلَى رفدهم ممدودة، وَنَفْسِي من النُّفُوس المتهافتة عَلَيْهِم مَعْدُودَة، وشبابي فَاحم، وعَلى الشَّهَوَات مُزَاحم، فَكيف الْيَوْم مَعَ الشيب، ونصح الجيب، واستكشاف الْعَيْب، إِنَّمَا أَنا الْيَوْم على من عرفني كل ثقيل، وَسيف الْعدْل فِي كفي صقيل. أعذل أَرْبَاب الْهوى وَلَيْسَت النُّفُوس فِي الْقبُول سوا، وَلَا لكل مرض دوا، وَقد شفيت صَدْرِي، وَإِن جهلت قدري، فَاحْمِلْنِي، حملك الله على الجادة الْوَاضِحَة، وسحب عَلَيْك ستر الْأُبُوَّة الصَّالِحَة. وَالسَّلَام.
الْحَمد لله الْوَلِيّ الحميد، المبدي المعيد، الْبعيد فِي قربه من العَبْد، الْقَرِيب فِي بعده، فَهُوَ أقرب من حَبل الوريد، محيى ربوع قُلُوب العارفين بتحيات حَيَاة التَّوْحِيد، ومغنى نفوس الزاهدين بكنوز احتقار الافتقار إِلَى الْغَرَض الزهيد، ومخلص خواطر الْمُحَقِّقين من سجون حجون التَّقْيِيد، إِلَى فسح التَّجْرِيد، نحمده، وَله الْحَمد المنتظمة درره فِي سلوك الدَّوَام، وسموط التَّأْبِيد، حمد من نزه أَحْكَام وحدانيته وأعلام فردانيته عَن مرابط التَّقْلِيد فِي مخابط الطَّبْع البليد، ونشكره شكر من افْتتح بشكره أَبْوَاب الْمَزِيد، ونشهد أَنه الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، شَهَادَة تَتَخَطَّى بهَا معالم الْخلق إِلَى حَضْرَة الْحق على كيد التفريد، ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قلادة الْجُود الْمجِيد، وهلال الْعِيد، وفذلكة الْحساب، وَبَيت القصيد، الْمَخْصُوص بمنشور الإدلال، وإقطاع الْكَمَال، مَا بَين مقَام المُرَاد، ومقام المريد، الَّذِي جعله السَّبَب الأوصل فِي تجاة النَّاجِي وسعادة السعيد، وخاطب الْخَلَائق على لِسَانه الصَّادِق، بحجتي الْوَعْد والوعيد، وَكَانَ مِمَّا أوحى بِهِ إِلَيْهِ، وَأنزل الْملك بِهِ