فِيهِ الخواطر، وتضوع من ثنائه الْمسك العاطر، وَأَقْعَدَهُ لهَذَا الْعَهْد الْكبر، وحوم عَلَيْهِ الْأَجَل المنتظر، فتعطلت لضَعْفه تِلْكَ السُّوق، وَعدم لعدم بَيَانه الدّرّ المنسوق.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْحجَّاج المنتشافري
حَسَنَة الدَّهْر الْكثير الْعُيُوب، وتوبة الزَّمَان الجم الذُّنُوب، ماشيت من بشر يتألق، وأدب تتفطر لَهُ السمات وتتخلق، وَنَفس كَرِيمَة الشَّمَائِل والضرائب، وقريحة يقذف بحرها بِمَاء الغرائب، إِلَى خشيَة لله تَعَالَى تحول بَين الْقُلُوب وقرارها، ومراقبة تثنى النُّفُوس عَن اغترارها، ولسان يبوح بإشراقه، وجفن يسخو بدرر آماقه، وحرص على لقا أهل الدّيانَة وَالْأَدب، ويحث عَمَّن يمت إِلَى الْعلم وَالْعِبَادَة بِسَبَب، سبق بقطرة الحلبة، وَنزع من الْأَدَب الهضبة، وَرفع الرَّايَة، وَبلغ الْغَايَة، فطارت قصائده كل المطار، وتغنى بهَا رَاكب الْفلك وحادي القطار، وتقلد خطة الْقَضَاء بِبَلَدِهِ وانتهت إِلَيْهِ رياسة الْأَحْكَام بَين أَهله وَولده، فوضحت الْمذَاهب بِفضل مذْهبه، وَحسن مقْصده، وَله شِيمَة فِي الْوَفَاء يعلم مِنْهَا الآس، ومؤانسة لَا تستطيعها الأكواس.
فِي وصف أبي مُحَمَّد عبد الْحق بن عَطِيَّة
فرع بَيت أصيل، وَصدر معرفَة وَتَحْصِيل، نَشأ على العفاف، وتبلغ بالكفاف، وَعمل على شاكلة من لَهُ من الأسلاف، إِلَى نفس يلابسها الْحيَاء وَالْوَقار، وأدب تنم عَنهُ أخلاقه كَمَا تنم تَحت الزجاجة الْعقار، وَخط تهيم بمرقومه الْأَبْصَار، وبلاغة هدابها الأختصار، ومحاضرة تتحلى بهَا اللَّيَالِي الْقصار تقدم بقطره إِلَى الخطابة والإمامة، أطهر من مَاء الغمامة، وَأطيب من بنت الكمامة، ففرع على حَدَاثَة السن أعوادها، وَبلغ آمادها، وَأصْبح من الصُّدُور فؤادها، وَمن الْعُيُون سوادها، وَلَا يُنكر العذب فِي ينبوعه، والنور فِي مشرق طلوعه، وَقد أثبت من أدبه مَا يعرب عَن مذْهبه.