وأثنت عَلَيْهِ لكل عماله جيرته، وَله نفس إِلَى الْعلم مرتاحة، وخواطر تنْتج مِنْهُ كل ساحة، هام فِيهِ بِكُل مُسْتَحِيل وَجَائِز، وكلف حَتَّى بعلوم الْعَجَائِز. وشعره جزل الأسلوب، وعذب فِي الأفواه والقلوب.
فِي وصف أبي عبد الله بن غَالب الطريفي
طَوِيل القادمة والخافية، مُحكم لبِنَاء الْبَيْت وتأسيس القافية، صَاحب طبع معِين، وَآت من القصائد بحور عين. عكف على النّظم فِي جيله، عكوف الراهب على إنجيله، وَلم يزل يفوق إِلَى كل غَرَض سهامه، ويستسقى صيته وجهامه، ويهز ماضيه وكهامه، حَتَّى اشتهرت أبياته وحفظت بدايعه وروياته، وَتصرف فِي الْقَضَاء فاستقام أوده، وَانْطَلَقت يَده، وَكَانَ لَهُ وفادة على ملك هَذِه الدول فِي العصور الأول، نظم فِيهَا ومدح، وقدح من قريحته مَا قدح، وَتوفى بِبَلَدِهِ عَن سنّ عالية وزمانة مُتَوَالِيَة. وَلما شرع الْمُؤلف فِي تأليف هَذَا الْكتاب، بعث إِلَيْهِ بعض أهل بَلَده، مِمَّن عَنى بِحِفْظ الطروس. وإحيائها بعد الدُّرُوس بمهارق أكل الدَّهْر مِنْهَا مَا تجسم، وانتهبها الدَّهْر مَا شَاءَ وتقسم، فَأثْبت لَهُ مِنْهُ مَا ينظر فِي مَحَله إنْشَاء الله.
فِي وصف أبي الْقَاسِم الْمَعْرُوف بِابْن الجقالة
صدر فِي الْقُضَاة. وينبوع للخلال المرتضاة. وطابع لسيوف الْكَلم المنتضاة. نَشأ بِبَلَدِهِ رندة. حرسها الله. صدر سكانها. وفضيلة زمانها، وَعين أعيانها، وحامل لِوَاء بَيَانهَا. وَلم يزل يسْلك من الْفضل على السّنَن الْمَأْثُور. ويركض جِيَاد المنظوم والمنثور، فأغرب الغرب بآدابه، وَتعلق الْإِحْسَان بأهدابه. وَتَوَلَّى الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة فأجال قداحها، وَقرر مكروهها ومباحها، وَتَنَاول الْمسَائِل فأبان صباحها، حَتَّى [فاضت فِيهِ] السرائر، وعقدت على حبه الضمائر، وَطَابَتْ