الأقتاد والأقتاب، وَلم يزل زمامه يتَأَكَّد فِي هَذِه الدول، ويربى لَهُ الْآتِيَة مِنْهَا على الأول، فتصرف فِي الْقَضَاء بجاتها، ونادته الْعِنَايَة هاك وهاتها، فجد وعهد حكامها الْعُدُول من سلفه وقضاتها، وَله الْأَدَب الَّذِي تحلت بقلايده اللبات والنحور، وَقصرت عَن جواهره النحور , وَسمر من ذَلِك تضاعيف هَذَا الْمَجْمُوع مَا يشْهد بسعة درعه، ويخبر بكرم عنصره، وَطيب نبعه.

فِي وصف أبي الْقَاسِم الْخضر بن أبي الْعَافِيَة

فَارس ميدان الْبَيَان، وَلَيْسَ الْخَبَر كالعيان، وحامل لِوَاء الْإِحْسَان لأهل هَذَا اللِّسَان، دخل فِي حلل البدايع فسحب أذيالها، وشعشع أكواس العجايب، فأدار جريالها، واقتحم على الفحول أغيالها، وطمح إِلَى الْغَايَة الْبَعِيدَة فنالها، وتذوكرت المخترعات فَقَالَ أنالها، عكف واجتهد، وبرز إِلَى مقارعة المشكلات ونهد، فَعلم وَحصل، وَبلغ الْغَايَة وتوصل، وَتَوَلَّى الْقَضَاء، واضطلع بِأَحْكَام الشَّرْع، وبرع فِي معرفَة الأَصْل وَالْفرع، وتميز فِي الْمسَائِل بطول الباع وسعة الذِّرَاع، فَأصْبح صَدرا فِي مصره، وغرة فِي صفحة صَدره.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي إِسْحَق بن جَابر الْوَادي آشى

فَحل هادر، وبليغ على الْكَلَام قَادر، اهتز لَهُ الْعَصْر على رجاحة أطواده، وَظهر لَهُ الْفضل على كَثْرَة حساده، وَلما أجلى فِي منصة الإبداع بَنَات فكره، وجاس عقايل الْحَيّ الْحَلَال ببكره، طُولِبَ بِإِثْبَات تِلْكَ الْبُنُوَّة، وَقيل هَذَا الْجمل، وَهَذِه الكوة، فخاصم حَتَّى أظهر الْحق، وتمم فَاسْتحقَّ، وذيل ووطى، وَتجَاوز الْغَايَة الْبَعِيدَة وتخطى، وَلم تزل بدائعه فِي اشتهار، وروضات آدابه ذَوَات أزهار، وَتصرف فِي الْكِتَابَة فَكَانَ صدر ناديها، وقلادة هاديها، وَولى خطة الْقَضَاء فِي هَذِه الْمدَّة، وَقد ناهز اكتهاله وَبلغ أشده فحسنت سيرته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015