البازل، وَتقدم فِي استنباط الْأَحْكَام وَمَعْرِفَة النَّوَازِل، إِلَى وقار تود رضوى رجاحته، وَصدر تحسد الأَرْض العريضة ساحته، ونادرة يدعوها فَلَا تتَوَقَّف، وتلقى عصاها فتتلقف. وَكَانَ لَهُ فِي الْأَدَب مُشَاركَة، وَفِي قريضة النّظم حِصَّة مباركة
فِي وصف أبي جَعْفَر بن أبي حَبل
فذ تثنى عَلَيْهِ الخناجر، وَصدر لَا يحصر فضايله حاصر، وقاض يريش سِهَام الْأَحْكَام ويبريها، ويزيل بنظره الشُّبْهَة الَّتِي تعتريها، ويطبق مفاصل الْفَصْل بذهنه الزلق النصل فيبريها، تولى الأقطار فازدانت، وتقلد الْأَحْكَام فلاحت المعدلة وَبَانَتْ، وَظَهَرت الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة لأَهْلهَا حَيْثُ كَانَت. وَأما الْأَدَب فَكَانَ رَحمَه الله سَابق حلبة زَمَانه ومجلسها، ومتناول رايته ومتوليها وَإِن كَانَ لغير فن من الْأَدَب مصروفا، وبالعلوم الشَّرْعِيَّة مَعْرُوفا.
فِي وصف أبي بكر بن شبرين
خَاتِمَة الْمُحْسِنِينَ، وقدوة الفصحاء اللسنين. قريع بَيت ترحم النُّجُوم بكاهله، وَورد من الْمجد أعذب مناهله، مَلأ الْعُيُون هَديا وسمتا، وسلك من الْوَقار طَريقَة لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتا، فَمَا شيت من فضل ذَات وبراعة أدوات. إِن خطّ نزل ابْن مقلة عَن دَرَجَته وانحط، وَإِن نظم ونثر تبِعت البلغاء ذَلِك الْأَثر، وَإِن تكلم نصت الحفل لاستماعه، وَشرع لدرره النفيسة صدف اسماعه، وَفد على الأندلس، عِنْد كائنة سبتة، وَقد طوحت النَّوَى برحاله، وظعن عَن ربعه لتوالي أمحاله، وَكَانَ مصرف الدولة ببلادها، والمستولى على طارفها وتلادها، ومعرس الْآدَاب ومقيلها، وقاعش العثرات ومقيلها، أَبُو عبد الله بن الْحَكِيم قدس الله هداه وَسَقَى منتداه، فاهتز لقدومه اهتزاز الصارم، وتلقاه تلقى الأكارم، وأنهض إِلَى الْغَايَة آماله [وَألقى لَهُ قبل الوسادة مَاله] ونظمه فِي سمط الْكتاب، وأسلاه عَن أَعمال