من مالقة، متحل بوقار وسكينة، حَال من أَهلهَا بمكانة مكينة، لسُهُولَة جَانِبه، وإيضاح مقاصده فِي الْخَيْر ومذاهبه، واشتغل لأوّل مرّة بالتعليم والتكتيب، وَبلغ الْغَايَة فِي الْوَقار وَالتَّرْتِيب، والشباب لم ينصل خضابه وَلَا سلت للمشيب عصابه، وَنَفسه بالمحاسن كلفة صبة، وشأنه كُله هوى ومحبة.

فِي وصف أبي عبد الله الجزيري الْخياط

أديب على السّنَن سالك، وبليغ لزمام القَوْل مَالك، كَانَ رَحمَه الله خَطِيبًا بثغر وبره، تولى لله جبره، وَأعَاد إِلَى ملكة الْإِسْلَام أمره، على طَريقَة مثلى وسيرة فَضلهَا يُتْلَى. أَخذ فِي فنون، ومحاضر من الْأَدَب بعيون، وَكَانَ رصافي الانتحال والحرفة، وَكم بَين الراح المشوبة والصرفة. وَلم أظفر من نظمه على كثرته، وتألق أسرته، إِلَّا بِأَبْيَات نَسَبهَا إِلَيْهِ بعض أَصْحَابه المعتنين بِنَقْل أدبه.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله البدوي

خطيب طلق اللِّسَان، وأديب رحب الْإِحْسَان، تشرف بالرحلة الحجازية، وَلبس من حسن الحجازية، ثمَّ أسْرع بِبَلَدِهِ فحط القتادة والرحل، وَأَقْبل عَلَيْهِ إقبال الغمامة على الْمحل، فَعظم بِهِ الِاغْتِبَاط. وتوفر إِلَى تَقْدِيمه فِي الخطابة النشاط. وَلم تثن عَن الْغَرَض فِيهِ الدعابة والانبساط. وَهُوَ الْآن خطيب بهَا. يُحَرك الْجَامِع ويقرط المسامع. وَيُرْسل من الجفون المدافع. وَله فِي الْعَرَبيَّة حَظّ وافر. وَفِي الْآدَاب قسام سَافر.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر بن فركون

شيخ الْجَمَاعَة وقاضيها، ومنفذ الْأَحْكَام وممضيها، وشايم سيوفها المنتضاة ومنتضيها، كَانَ رَحمَه الله لجا لَا يساجل موجه، وفرندا لَا بتعاطي أوجه، تقدم بِذَاتِهِ وَنَفسه على أَبنَاء جنسه، وأربى فِي الْفضل يَوْمه على أمسه، فَهدر هدرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015