وَمن ذَلِك فِي وصف أبي سعيد بن لب

سَابق ركض ملئ عنانه، وشارق طلع فِي أفق أَوَانه، أورى لَهُ زند الذكا اقتراحا، وأجال فِي كل فن قداحا، فَجلى فِي ميدان الإجادة وبرز، وطوف الْمجَالِس وطرز، فَإِن نقل أوضح الْعبارَة وصقل، وَإِن نظر وَبحث، نشر رمم المعارف وَبعث، وَإِن بَين وَعلم، أقره المنازع وَسلم، إِلَى خلق أطيب من الراح، وأصفى من المَاء القراح، وَله فِي فَرِيضَة الْأَدَب سهم، وَفِي معاناة الْمعَانِي تَحْقِيق لَا يدْخلهُ وهم، وَتقدم للخطابة بِبَعْض أرباض الحضرة، فوفى الرُّتْبَة حَقّهَا، وسلك من الدّيانَة طوقها

فِي وصف أبي يزِيد خَالِد بن أبي خَالِد

إِمَام بادية، وصادع بِذكر الله فِي كل رَائِحَة وغادية. أنس بالوحدة والانقطاع، وتعلل بِقَلِيل الْمَتَاع، وانقبض وتقشف وَقبل ثغر الْحَقِيقَة وترشف وَأكْرم بِهِ من مَجْمُوع خصل، وضارب [فِي صرف الْقبُول] بنصل إِلَى أَخْلَاق بَيِّنَة الْحَلَاوَة، ونغمة طيبَة عِنْد التِّلَاوَة، وأدب عطر الجربال، موشى الطّور والأذيال

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله الْيَتِيم

مَجْمُوع أدوات حسان من خطب ونغمة ولسان، أخلاقه روض تضوع نسماته، ونشره صبح تتألق قسماته وَلَا تخفى سماته، يقرطس أغراض الدعابة ويصميها ويفوق سِهَام الفكاهة إِلَى مراميها، فَكلما صدرت فِي عصره قصيدة هازلة، أَو أَبْيَات منحطة عَن الإجادة نازلة، خس أبياتها وذيلها، وَصرف مَعَانِيهَا وسيلها، وَتركهَا سمر الندمان وأضحوكة الزَّمَان، وَهُوَ الْآن، خطيب الْمَسْجِد الْأَعْلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015