وَلَا تراجع حجتها، ونغمة فِي تِلَاوَة الْقُرْآن، يخر لَهَا النَّاس على الأذقان، وَلما أمعن فِي المعارف كل الإمعان، ومنهومان كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام، لَا يشبعان، تشوف إِلَى الرحلة عَن بِلَاده، وزهد فِي طَرِيقه وتلاده، وَأخذ الحَدِيث عَن أَهله، وَذهب من الْعلم فِي خزنه وسهله، وَبلغ الْغَايَة، حَتَّى حط رَحْله ببجايه، وَبهَا علم الدّين وناصره، وَروض الْعلم الَّذِي أخصب جانيه وخاصره، ففاز بلقائه ونهل فِي سقايه، وَصرف فهمه الثاقب إِلَى إلقاية، واقتنى من كنوز رحْلَة مَالا يخَاف عَلَيْهِ النفاد، قدم على قراره مجده قدوم النسيم الْحِجَازِي من نجده، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ الأحداق واشرأبت إِلَى طلوعه الْأَعْنَاق، وَلم تزل بدائعه تتقلدها الصُّدُور، ومحاسنه تغار بهَا الشموس والبدور، والسعادة توافيه، والخطط الشَّرْعِيَّة تنافس فِيهِ، وخطبته الْآن خطابة قطره، وَهُوَ كفؤها وَابْن أكفائها، ومحيى رسومها بعد عفائها، فَتلقى رايتها بِيَمِينِهِ، واستحقها بسلفه وَعلمه وَدينه.

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي جَعْفَر بن خَمِيس

قريع بَيت صَلَاح وَعبادَة. ورضيع ثدي دين ومجادة، كَانَ بالخضراء بَلَده رَحمَه الله، صدر صدورها، وواسطة شذورها، وخطيب حفلها وَإِمَام فَرضهَا ونفلها، وباشر حصارها، وعانى على العصور إعصارها، وَله دُعَاء مستجاب وخواطر لَيْسَ بَينهَا وَبَين الْحق حجاب وبركة تظهر عَلَيْهِ سيماها، وديانته لَا تقرب الشُّبُهَات حماها وبلاغة لَا يشح ينبوعها، وَلَا تقفر من الْمعَانِي ربوعها، يَدْعُو الْفقر فيذعن عاصيها، وَينزل عصم الْمعَانِي من صياصيها، وَقضى رَحمَه الله فَتغير ذَلِك الْقطر لذهابه، وأظلم ذَلِك الْأُفق فول شهابة.

فِي وصف أبي زَكَرِيَّا ابْن السراج

حَامِل فنون جمة، وَصَاحب نفس بمعادها مهتمة، شمر فِي زمَان الشبيبة عَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015