أَو غاصت فِي نهر الفلق بهاء وجمالا، أمنت من جِهَة الْبَحْر التقية، وأدار بهَا من جِهَة الْبر الحفير والسلوقية لَا تَجِد الْعين بهَا عَورَة تتقى، وَلَا ثلمًا مِنْهُ يرتقي، إِلَى الربضين، اللَّذين كل وَاحِد مِنْهُمَا مَدِينَة حافلة، وعقلية فِي حلى المحاسن رافلة، وسلا، كَمَا علمت، سور حقير وثور. إِلَى التنجيد والتشييد فَقير، إطام خاملة وللروم آملة، وقصبتها بِالْبَلَدِ مُتَّصِلَة [وَمن دَعْوَى الحصانة منتقلة] سورها مُفْرد، لَا سلوقية نقية، وبابها تقصد لَا سَاتِر تحميه وَالْمَاء بهَا مَعْدُوم وَلَيْسَ لَهُ جب مَعْلُوم، وَلَا بير بالعذوبة مَوْسُوم، وَفِي عهد قريب استباحتها الرّوم فِي الْيَوْم الشامس، وَلم ترد يَد لامس، من غير منجنيق نصب، وَلَا تَاج ملك عَلَيْهِ عصب، قلَّة سلَاح وَعدم فلاح، وخمول سور، واختلال أُمُور. وَقد سَقَطت دَعْوَى المنعة، فَلْتَرْجِعْ إِلَى قيم الصَّنْعَة فَنَقُول: [مالقة حرسها الله، طراز الديباج الْمَذْهَب، ومعدن صنايع الْجلد الْمُنْتَخب، وَمذهب الفخار المجلوب مِنْهَا إِلَى الأقطار، ومقصر الْمَتَاع المشدود، ومضرب الدست الْمَضْرُوب، وصنعا صنايع الثِّيَاب، ومحج التُّجَّار إِلَى الإياب لإفعام الْعباب، بِشَهَادَة الْحس، وَالْجِنّ وَالْإِنْس، وَلَا يُنكر طُلُوع الشَّمْس، وَأي صناعَة فِي سلا، يقْصد إِلَيْهَا ويعول عَلَيْهَا، أَو يطرف بهَا قطر بعيد أَو يتجمل بهَا فِي عيد، ومنذ سَقَطت مزية الصَّنْعَة، فلنرجع إِلَى مزية الْبقْعَة فَنَقُول، خص الله مالقة بِمَا افترق فِي سواهَا وَنشر بهَا المحاسن الَّتِي طواها، إِذْ جمعت بَين دمث الرمال، وخصب الْجبَال، وقارة الفلاحة الْمَخْصُوصَة بالاعتدال، وَالْبَحْر الْقَدِيم الصداع الميسرة مراسيه للحط والإقلاع، وَالصَّيْد العميم الِانْتِفَاع، جبالها لوز وتين، وسهلها قُصُور وبساتين، وبحرها حيتان مرتزقة فِي كل حِين ومزارعها المغلة عِنْد استبداد السنين وَكفى بفحص قافره صادع بالبرهان الْمُبين، وواديها الْكَبِير عذب فرات، وادواح مثحرات، وميدان ارتكاض بَين بَحر ورياض