وسلا، بلد الرِّجَال، ومراعي الْجمال بطيحة لَا تنجب السنابل، وَإِن عرفت الْمَطَر الوابل جرد الْخَارِج، وبحرها مكفوف بالقتب والمدارج، وواديها ملح المذاق، مستمد من الأجاج الزلاق، قَاطع بالرفاق من الْآفَاق، إِلَى بعد الْإِنْفَاق، وتوقع الإغراق، وشابلها مَقْصُور على فصل، وَكم الشَّوْكَة من شانصل، عديمة الْفَاكِهَة والمتنزهات النابهة، وَإِذ بَان مصل النفعة فلنلم بِذكر الشنعة، وَهُوَ مِمَّا يحْتَمل فِيهِ النزاع، وَلَا تُعْطى الْأَبْصَار وتطمس الأسماع، إِذْ مالقه دَار ملك فِي الرّوم، ومثوى المصاعب والقروم، تشهد بذلك كتب الْفَتْح الْمَعْلُوم، وَذَات ملك فِي الْإِسْلَام عديد الجيوش، خافق الْأَعْلَام، غَنِي بالشهرة عَن الْإِعْلَام سكنها مُلُوك الأدارسة الْكِرَام، والصناهجة الْأَعْلَام، ثمَّ بَنو نصر، أنصار الْإِسْلَام، وجيشها الْيَوْم مَشْهُور الْإِقْدَام، مُتَعَدد المين على مر الْأَيَّام وتجارها تعقد لِوَاء خافقا، وتقيم للْجِهَاد سوقا نافقا، وتركض الْخُيُول السانحة، وتعامل الله على الصَّفْقَة الرابحة، وكفاها أَنَّهَا أم للعدة من الثغور والحصون والمدن ذَات الْحمى المصون، وشجرة الْفُرُوع الْكَثِيرَة والغصون، وَمَا مِنْهَا إِلَّا معقل سَام، وبلد بِالْخَيْلِ وَالرجل مترام وغيد حام يحتوي بهَا ملك اذخ، ونسيق فِيهَا للسُّلْطَان فَخر باذخ، واين سلامن هَذِه المزية، والشنعة الْعلية، أَيْن الْجنُود والبنود والحصون تزور مِنْهَا الْوُفُود، وَإِن كَانَ بعض الْمُلُوك اتخذها دَارا واستطانها من أجل الأندلس قرارا، فَلَقَد تمّ وَمَا، أتم وَطَلَبه تمّ، ولنقل فِي الحضارة بِمُقْتَضى الشواهد المختارة، وَلَا كالحلي وَالطّيب، وَالْحلَل الديباجية والجلاليب، والبساتين ذَات المرأى العجيب، والقصور المبتناة بسفوح الْجبَال، والجنات الوارفة الظلال والبرك الناطقة بالعذب الزلَال، والملابس المختالة فِي أفنان الْجمال، والأعراس الدَّالَّة على سَعَة الْأَحْوَال، والشروات الْمقدرَة بالآلاف من الْأَمْوَال

وَأما سلا، فأحوال رقيقَة، وَثيَاب فِي غَالب الْأَمر خَلِيقَة، وذمم منحطة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015