وَأَنْتُم أولى الأصدقاء بصلَة السَّبَب، ورعى الْوَسَائِل والقرب، أبقاكم الله، وأيدي الْغِبْطَة بكم مَالِيَّة، وأحوال تِلْكَ الْجِهَات بدرركم حَالية، وديم المسرات من إنعامكم المبرات، على مَعْهُود المبرات مُتَوَالِيَة. وأماما تشوفتم إِلَيْهِ من حَال وَلِيكُم فأمل متقلص الظل، وارتقاب لهجوم جَيش الْأَجَل المطل، ومقام على مساورة الصل، وَعمل يكذب الدَّعْوَى، وطمأنينة تنْتَظر الْغَارة الشعوا، وَيَد بالمذخور تفتح، وَأُخْرَى تجهد وتمنح، وَمرض يزور فيثقل، وَضعف عَن الْوَاجِب يعقل. إِلَّا أَن اللطائف تستروح، وَالْقلب من بَاب الرجا لَا يبرح، وَرُبمَا ظفر البائس، وَلم تطرد المقابس، تداركنا الله بعفوه، وأوردنا من منهل الرِّضَا وَالْقَبُول على صَفوه، وَأذن لهَذَا الْخرق فِي رفوه. وَأما مَا طلبتم من انتساخ ديوَان، وإعمال بنان، فِي الإتحاف بِبَيَان، فَتلك عهود لدي مهجورة، ومعاهدة لَا متعهدة وَلَا مزورة، شغل عَن ذَلِك، خوض يَعْلُو لجبه، وحوض يفضى من لغط الماتح عجبه، وهول جِهَاد تساوى جمادياه ورجبه، فلولا التمَاس أجر، وتعلل بِرِبْح تجر، لَقلت أَهلا بِذَات النحيين، فَلَهُنَّ شكت وبذلت المصون بِسَبَب مَا أَمْسَكت، فَلَقَد ضحِكت فِي الْبَاطِن ضعف مَا بَكت. ونستغفر الله من سوء انتحال، وإيثار المزاح بِكُل حَال، وَمَا الَّذِي ينْتَظر مثلي مِمَّن عرف المآخذ والمتارك، وجرب لما بلَى الْمُبَارك، وَخبر مساءة الدُّنْيَا الفارك. هَذَا أَيهَا الحبيب مَا وَسعه الْوَقْت الضّيق، وَقد ذهب الشَّبَاب الرِّيق، فليسمح فِيهِ مَعْهُود كمالك، جعل الله مطاوعة آمالك مطاوعة يَمِينك لشمالك، ووطأ لَك موطأ الْعِزّ بِبَاب كل مَالك، وَقرن النجح بأعمالك. وَالسَّلَام.
وَمن ذَلِك مَا خاطبت بِهِ صَاحب الْعَلامَة بالمغرب أَبَا الْقَاسِم بن رضوَان بِمَا يظْهر من الْغَرَض
(قد كنت أجهد فِي التمَاس صَنِيعَة ... نفسا شهَاب ذكايها وقاد)