الذود المزدحم، وأخاف من شَذَّ عَن الطَّاعَة مَعَ الِاسْتِطَاعَة، فَقَالَ: {" لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله إِلَّا من من رحم "} ، وَلَو لم يُوجب الْحق برقه ورعده ووعيده ووعده لأوجبه بمنه وسعده، فَلَقَد ظَهرت مخائل نجحه [علاوة على] نصحه، ووضحت محَاسِن صبحه فِي وَحْشَة الْموقف الصعب وقبحه، وصل الله عوائد منحه وَجعله إقليدا كلما اسْتقْبل بَاب أمل وَكله الله بفتحه. أما مَا قَرَّرَهُ ولاؤكم من حب زكا عَن حَبَّة الْقلب حبه، وأنبته النَّبَات الْحسن ربه، وساعده من الْغَمَام سكبه، وَمن النسيم اللدن مهبه، فرسم ثَبت عِنْد الْمولى نَظِيره، من غير معَارض يضيره، وَرُبمَا أربى بتذييل مزِيد، وَشَهَادَة ثَابت وَيزِيد. وَلم لَا يكون ذَلِك، وللقلب على الْقلب شَاهد، وَكَونهَا أجنادا مجندة لَا يحْتَاج تَقْرِيره إِلَى شَاهد أَو جهد جَاهد، ومودة الْأُخوة سَبِيلهَا لاحب، ودليلها للدعوى الصادقة مصاحب، إِلَى مَا سبق من فضل ولقا، ومصاقبة سقا، واعتقاد لَا يراع سربه بذيب الانتقاد، واجتلاء شهَاب وقاد، لَا يحوج إِلَى إيقاد، إِنَّمَا عَاق عَن مُوَاصلَة ذَلِك نوى شط مِنْهُ الشطن، وتشذيب لم يتَعَيَّن مَعَه الوطن، فَلَمَّا تعين تعين، وَكَاد الصُّبْح أَن يتَبَيَّن، عَاد الوميض ديجورا، والمواد بحرا مسحورا إِلَى أَن أعلق الله مِنْكُم الْيَد بِالسَّبَبِ الوثيق، وأحلكم بمنجى نبق لَا يخَاف من منجنيق، وَجعل يراعكم لسعادة مُوسَى معْجزَة تأتى على الْخَبَر لقيان - فتخر لثعبانها سحرة الْبَيَان.
(أيحيى سقى حَيْثُ الحت الجنا ... فَنعم الشعاب وَنعم الوكول ... )
(وَحيا يراعك من آيَة فقد ... حرك الْقَوْم بعد السّكُون)
(دَعَوْت لخدمة مُوسَى عَصَاهُ ... فَجَاءَت تلقف مَا يأفكون)
(فأذعن من يَدعِي السحر رغما ... وَأسلم من أجلهَا الْمُشْركُونَ)
(وساعدك الشُّعُور فِيمَا أردْت ... فَكَانَ كَمَا يَنْبَغِي أَن يكون)