وَمن ذَلِك مَا خاطبت بِهِ مَوْلَانَا السُّلْطَان أَبَا عبد الله بن نصر عِنْدَمَا وصل إِلَيْهِ وَلَده من الأندلس إِلَى فاس

(الدَّهْر أضيق فسحة من أَن يرى ... بالحزن والكمد المضاعف يقطع)

(وَإِذا قطعت زمانة فِي كربَة ... ضيعت فِي الأوهام مَا لَا يرجع)

(واقنع بِمَا أَعْطَاك دهرك واغتنم ... مِنْهُ السرُور وخل مَالا ينفع)

مولَايَ الَّذِي لَهُ المنن والخلق الْجَمِيل، والخلق الْحسن، وَالْمجد الَّذِي وضح مِنْهُ السّنَن، كتبه عبد نِعْمَتك مهنأ بنعم الله الَّتِي أفاضها عَلَيْك، وجلبها إِلَيْك، من اجْتِمَاع شملك بنجلك، وَقَضَاء دينك من قُرَّة عَيْنك، إِلَى مَا تقدم من إفلاته وسلامة ذاتك، وتمزق أعدائك، وانفرادك باودائك، وَالزَّمَان سَاعَة وَأكْثر، لَا بل كلمح الْبَصَر، وَكَأن بالبساط قد طوى وَالتُّرَاب على الْكل قد سوى، فَلَا تبقى غِبْطَة وَلَا حسرة، وَلَا كربَة وَلَا مَسَرَّة. وَإِذا نظرت، مَا كنت فِيهِ تجدك لَا تنَال مِنْهُ إِلَّا إكلة وفراشا، وَكُنَّا ورياشا، مَعَ توقع الوقائع، وارتقاب الفجائع ودعا الْمَظْلُوم، وصداع الجائع، فقد حصل مَا كَانَ عَلَيْهِ التَّعَب، وَأمر الذَّهَب، ووضح الْأجر الْمَذْهَب، وَالْقُدْرَة بَاقِيَة، والأدعية راقية، وَمَا تَدْرِي مَا تحكم بِهِ الأقدار، ويتمخض عَنهُ اللَّيْل وَالنَّهَار. وَأَنت الْيَوْم على زَمَانك بِالْخِيَارِ، فَإِن اعْتبرت الْحَال، واجتنبت الْمحَال، لم يخف عَنْك أَنَّك الْيَوْم خير مِنْك أمس، من غير شكّ وَلَا لبس، وَكَانَ أمْلى التَّوَجُّه لرؤية ولدك، لَكِن عارضتني مَوَانِع وَلَا نَدْرِي فِي الْكَوْن مَا الله صانع، فاستنبت هَذِه فِي تَقْبِيل قدمه، والهناء بمقدمه وَالسَّلَام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015