مطاولة نزالها، أنزل الله من الْمَطَر الَّذِي قدم بعهده الْعَهْد، وساوى النجد من طوفانه الوهد، وَعظم بِهِ الْجهد. وَوَقع الْإِبْقَاء على السِّلَاح، والكف بِالضَّرُورَةِ من الكفاح، وَبلغ الْمقَام عَلَيْهَا، وَالْأَخْذ بمخنفها، والثوا لَدَيْهَا، خَمْسَة أَيَّام، لم تخل فِيهَا الأسوار من افتراع، وَلَا الْأَبْوَاب من دفاع عَلَيْهَا وقراع، وأنفذت مقَاتل الستاير أنقابا، وارتقب الْفَتْح الْمَوْعُود ارتقابا، وفشت فِي أَهلهَا الجروح، والعبث الصراح، وساهم المسا بعزة الله والصباح. وَلَوْلَا عايق الْمَطَر، لَكَانَ الإجهاز والاستفتاح، وَالله بعْدهَا الفتاح. صرفت الْوُجُوه إِلَى تخريب الْعمرَان، وتسليط النيرَان، وعقر الْأَشْجَار، وتعفية الْآثَار، أَتَى مِنْهَا العفا على الْمصر الشهير فِي الْأَمْصَار، وَتركت زروعها المايحة عِبْرَة للأبصار. ورحلنا عَنْهَا، وَقد ألبسها الدُّخان حدادا، ونكس من طغاتها أجيادا، فاعتادت الذل اعتيادا، وَأَلْقَتْ للهون قيادا، وكادت أَن تستباح عنْوَة، لَو أَن الله جعل لَهَا ميعادا، وأتى الْقَتْل من أبطالها ومشاهير رجالها مِمَّن يبارز ويناطح، ويماسى بالباس ويصابح، على عدد جم، أخْبرت سماتهم الْمَشْهُورَة بِأَسْمَائِهِمْ، ونبهت علاماتها على نبهائهم، وَظهر من إقدام الْمُسلمين فِي المعتركات، وجورهم بالحدود المشتركات، وتنفيلهم الأسلاب، وقودهم الْخَيل المسومة قَود الغلاب. وَكَانَ القفول، وَقد شَمل الْأَمْن وَالْقَبُول، وَحصل الْجِهَاد المقبول، وراع الْكفْر الْعِزّ الَّذِي يهول، والإقدام الَّذِي شهِدت بِهِ الرماح والخيول، وخاض الْمُسلمُونَ من زرع الطَّرِيق الَّذِي رَكبُوهَا، والمنازل الَّتِي استباحوها فِيهَا، وانتهبوها. بحورا بعد مِنْهَا السَّاحِل، وفلاحة مدركة تتعذر فِيهَا المراحل، فصيروها صريما، وسلطوا عَلَيْهَا للنار غريما،