بهَا وَالْحَمْد لله إِسْلَام معقل، وَلَا تشطط فِي حَالَة مُنكرَة، أَو عدد مثقل، إِلَّا ورأينا أَن قد فضل حديثنا الْقَدِيم، وسكنا بالهدنة هَذَا الإقليم. وعَلى تَقْرِير أَن يَقع ارتفاعها، ويشمل من قدرَة الله دفاعها، فإننا لما حضر لدينا رسولاكم فلَان وَفُلَان، أجلنا قداح النّظر، بِنَاء على مَا قررتم من الْخَبَر، وحوما على الْغَرَض الْمُعْتَبر، فَلم نجد وَجها يسوغ حل مَا ربط، وَلَا فسخ مَا اشْترط، لما تقرر فِي العقد من أَيْمَان شَأْنهَا كَبِير، ومحلها من الرعى خطير، وَوَقع عَلَيْهَا منا العقد ومنكم الْإِمْضَاء وأحكمت فصولها الْعَدَالَة، وسجلها الْقَضَاء، وَحضر الْخصم وَوَجَب الِاقْتِضَاء، وَلَو عثر على وَجه يخرج عَن الْعهْدَة، وَيحل لنا مَحل الْعقْدَة، لَكنا نعلم سرُور الْعَدو بنبذنا لعهده، وخفة وطأتنا إِلَى أَن يَشَاء الله على جنده، فَإِنَّهُ اعْتَادَ أَن يكون مَطْلُوبا، وَرَأى التماسنا سلمه وجوبا، إِذْ الْأَحْوَال بِهَذِهِ الجزيرة المنقطعة تضطرنا إِلَى التمَاس سلمه، وحاجتنا إِلَى مهادنته لَا تغيب عَن علمه، مالم يتمخض الدَّهْر عَن معذرة تحطه عَن عزمه، حَسْبَمَا سلف لسلفكم الْكَرِيم. لَوْلَا مَا سبق من تمحيص الله فِي سَابق حكمه. وَفِي مُدَّة هَذَا الصُّلْح الَّذِي عقد وأبرم، وأمضى وتمم، نرجو أَن يَقع الاستعداد وتتوفر الْأَعْدَاد، وَتعرض الأجناد، وتمهد الثغور والبلاد، فَإِذا تقضى مِنْهُ الأمد، وكمل بالوفا الْمَقْصد، كُنْتُم إِن شَاءَ الله على أَعلَى النظرين، وَأكْرم الاختيارين، من حوار مَنْصُور، وَعدد موفور، أَو سلم مقترن بِظُهُور. هَذَا مَا عندنَا عرضناه عَلَيْكُم عرض إدلال، ومحلكم مَحل إغضاء وإكمال، وَفضل وَعدل وجلال. وَالله الْمُسْتَعَان على كل أَمر ذِي بَال، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
أما بعد حمد الله محسن العواقب، ومخلد المناقب، وَمعلى المراقى فِي درج