وقابلنا أغراضه بالشكر سرا وجهارا، وانتشقنا من رياض بلاغته أزهارا، وتأملنا مقاصده، فزدنا فِي التَّشَيُّع استبصارا، ورأينا ألسن الثنا، وَإِن أطلنا قصارا، وَقُلْنَا الْحَمد لله الَّذِي أتاح الله لنا أَبَا، يأنف من الهضمية، ويصرخ عِنْد الْعَظِيمَة، ويرشد إِلَى الْخلال الْكَرِيمَة، وَيبدأ بالفضائل الجسيمة، فَإِن ظن بِنَا الْغَفْلَة عَن عرض مصالحنا عَلَيْهِ، تلطفت أبوته فِي العتاب، وَإِن تشوفنا إِلَى استطلاع مَا لَدَيْهِ تحفى بإهداء الكتيبة وَهدى الْكتاب، فَنحْن نجهد فِي الشُّكْر بِحَسب الِاسْتِطَاعَة، ونصل الثنا الْيَوْم بِالْيَوْمِ، والساعة بالساعة، ونجلو أوجه الْعذر الَّذِي يردد دَعْوَى الْغَفْلَة والإضاعة، ويتبين مَا عندنَا فِي الْفُصُول الَّتِي قررها فِيمَا نَالَ من النصرى من الْفِتْنَة والمجاعة، وَعُمُوم الشتات وَخلاف الْجَمَاعَة، فَأَما مَا ترَتّب فِيهِ العتب مِمَّا أغفله الْكتب بِمَا آل إِلَيْهِ أَمرهم من شتات ذَات الْبَين، والمسغبة المتلفة، للأثر وَالْعين، فَيعلم الله أننا لم يتَّصل بِنَا نبأ إِلَّا بَعَثْنَاهُ على غره، وَلم نختزل شَيْئا من حُلْو وَلَا مره، وَلَا جلب إِلَيْنَا خبر إِلَّا أهديناه عِنْد حلب دره، وركضنا طرفه بعد تقليبه وفره، فَكيف بِمثل هَذَا الَّذِي لَو ثَبت عندنَا خَبره، لأثمر لدينا رفع حمل، وَتَخْفِيف كل، وإضاعة غيم، وَحصر ضيم، ومشقة عزم، وَإِضَافَة حكم، وَلم نزل نبعث الْعُيُون ونزكيها، ونعيد الرُّسُل ونبديها، فَلم يَصح عندنَا مِمَّا اتَّصل بكم نقل، وَلَا شهد بِغَيْر مَا أطلعناهم عَلَيْهِ حس وَلَا عقل. ولسنا من الْغَفْلَة بِحَيْثُ لَا نشعر بِضعْف عَدو قرب منا جواره، وَلَا من الزّهْد فِي المَال بِحَيْثُ يظْهر منا احتقاره، وَلَا من نِسْيَان مَا يجب لأبوتكم بِحَيْثُ لَا نهدى لكم من قبلنَا أنباء عدونا وأخباره، وَإِنَّمَا هِيَ أقاويل لَا عِبْرَة بقائلها، وتمويهات يظْهر الْكَذِب على مخايلها. وَالَّذِي صَحَّ عندنَا فِي أَمر النصرى وسلطانهم، أَن إخْوَة ملكهم وَمن كَانَ على مثل رَأْيهمْ،