أما بعد حمد الله الَّذِي نصب للمجازاة قسطاسا وميزانا، وَأقَام الْأَعْمَال الصَّالِحَة على الرِّضَا وَالْقَبُول عنوانا، واختص بالسعادة والعناية من شَاءَ من عباده أولى الْولَايَة، تفضلا مِنْهُ وامتنانا، فَأطلق بِالْخَيرِ مِنْهُم يدا، وَأطلق بالشكر لِسَانا، وَعرف الْعباد فِي اتِّصَال الْأَيْدِي على نصر دينه الْحق يمنا وأمانا، وَجعل الْمَوَدَّة فِيهِ تَقْتَضِي مغْفرَة من لَدنه ورضوانا. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله أرفع الْأَنْبِيَاء شَأْنًا، وأعظمهم مكانة ومكانا، وَأكْرمهمْ مسابقة أزلية لَدَيْهِ، وَإِن تَأَخّر زَمَانا، وَالرِّضَا عَن آله وَأَصْحَابه، الَّذين رفعوا من مِلَّته الحنيفية أركانا، وشيدوا من معالم دَعوته بنيانا، وَكَانُوا لأمته فِي الْهِدَايَة بهم من بعده شهبانا. وَالدُّعَاء لمقامكم بالنصر الَّذِي يمضى فِي الْأَعْدَاء صَارِمًا وسنانا، والعز الَّذِي يسمع دَعْوَة الْحق إعلانا، والصنع الَّذِي يرْوى أَحَادِيث الْعِنَايَة الإلهية صحاحا حسانا.
من حَمْرَاء غرناطة، حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله الَّذِي ترادفت لدينا مواهب إنعامه مثنى ووحدانا، ثمَّ ببركة سيدنَا ومولانا مُحَمَّد رَسُوله، الَّذِي أوضح من حجَّة الصدْق برهانا، إِلَّا بِالْخَيرِ الأتم، واليسر الْأَعَمّ، وبركم الْمَقْصد الْأَسْنَى، وَالْغَرَض الأهم. وَقد ورد علينا كتابكُمْ الَّذِي ظَاهره هَدِيَّة، وباطنه هِدَايَة، وطيه نصح، وعنوانه عناية، أحكمت مِنْهُ فِي الْفضل آيَة، ونشرت مِنْهُ للعز راية، مصحبا بالألطاف الكفيلة بتأصيل أصيل الوداد، مظْهرا مَعَاني الْعِنَايَة بِهَذِهِ الْبِلَاد، تنبو غرته الْبَيْضَاء غرر الْجِيَاد، من كل سَلس القياد، محيى بالصهيل معالم الْجِهَاد، فياله من كتاب قاد إِلَى الْأَعْدَاء كتائبه، وصحفته فضل تبدى مَعَاني عَجِيبَة، تفنن من الْمجد والحسب الغر فِي ضروب، وأطلع شمس النصح غير ذَات غرُوب، وحرج العتب بالعتبى، وَرب صَنِيعَة الِاحْتِيَاط، فأناف وأربى، فصدعنا بِهِ فِي الحفل استظهارا، وأطلعنا فِي أفق الِاعْتِدَاد نَهَارا،