بِتِلْكَ الْجِهَة الَّتِي لجميل نظركم قضايا مقررة، ودعاوي مفسرة، ذكرنَا لكم مِنْهَا فِي مدرج كتَابنَا، أشهرها عِنْد الِاعْتِبَار، وأولاها بالإيثار، وسايرها كثير يَقع الْكَلَام فِيهِ بَين منتحلي الْجوَار من الْمُسلمين وَالْكفَّار، وتبني الْأَحْكَام فِيهِ على ثُبُوت الْآثَار، وَلم تَجِد فِيهَا حِيلَة إِلَّا مُخَاطبَة مقامكم الرفيع الْمِقْدَار، إِذْ وُجُوه خدامكم بِهَذِهِ الْبِلَاد، أعزهم الله قد تنزلوا من هَذِه [الدعاوي منزلَة الْخُصُوم] وَطَالَ الْكَلَام فِي الْمَنْطُوق [مِنْهَا وَالْمَفْهُوم] . فَنحْن الْآن نرغب من مقامكم الْأَعْلَى، ومثابتكم الفضلى، أَن يتَعَيَّن من بَابَكُمْ، من يصل لخلاص مَا يجب خلاصه، واستخلاص مَا يحِق استخلاصه، مِمَّن يمْضِي بأمركم الْعلي الْحق حَيْثُ تعين، ويفصل بِالْوَاجِبِ فِيمَا ظهر وَتبين، ونعين نَحن من يقوم فِيمَا يخْتَص بجهتنا هَذَا الْمقَام، ويعين سُلْطَان قشتالة من جِهَته من يروم هَذَا المرام، حَتَّى يرْتَفع النزاع، وَيظْهر الْحق الشعاع، وتستأنف الْهُدْنَة والأمان الأصقاع. فَمَا زَالَ مقامكم يلْتَمس لَهَا أَسبَاب الرِّفْق، ويدر لَهَا سحائب الرزق، ويلتمس فِي التمَاس صَلَاحهَا أوضح الطّرق. وَبِهَذَا النّظر الَّذِي سألناه من علاكم تتمشى الْأُمُور، وتشرح بِالْحَقِّ الصُّدُور، وَيطْلب بِجَمِيعِ مَا للْمُسلمين من الشكايات على مَا تضمنه الْعَهْد المنشور، وَالْعقد المسطور، وَملك الرّوم فِي الْوَقْت قريب الدَّار، داني الْجوَار، يغتنم دنوه لخلاص هَذِه الْأُمُور، الَّتِي يعوق عَنْهَا المطال إِذا بعد مَكَانَهُ، وشطت دَاره، ونزحت أوطانه، عرضنَا عَلَيْكُم هَذَا الْأَمر المهم قبل أَن يخْتل مَا عقد، ويهي مَا سدد، وَأَنْتُم أكفى وأكفل. وَجَمِيل نظركم المؤمل، وعَلى مقاصدكم الْكَرِيمَة الْمعول. وَقد وجهنا إِلَى بَابَكُمْ فِي هَذَا الْغَرَض من يشْرَح الْأُمُور فِيهَا، ويقرر الْمَقَاصِد ويستوفيها، وَله بذلك دربة وخبرة وَمَعْرِفَة مُسْتَقِرَّة، ذَلِك الْقَائِد الكذا، ومقامكم يتفضل بالإصغا لما يلقيه، وَالْقَبُول