من حَمْرَاء غرناطة، حرسها الله، وَلَا زَائِد بِفضل الله سُبْحَانَهُ. إِلَّا الْخَيْر المنسحب البرود، واليسر المنتظم الْعُقُود. وَالْحَمْد لله. وَنحن نعتمد من مقامكم على الظل الْمَمْدُود، والمورد الْمَقْصُود. وَإِلَى هَذَا وصل الله لكم أَسبَاب السُّعُود وإنجاز الوعود، فإننا وصلنا كتابكُمْ يسطع أرجه نشرا، وتزف عزته بشرا، تعرفُون بِمَا كَانَ من لحاق الشَّيْخ أبي زَكَرِيَّا يحي بن رحو، بمثابتكم الْعلية وَشَرحه مَا انْتهى إِلَيْهِ عمله فِي تِلْكَ الْقَضِيَّة، ووقوفه عِنْد مَذَاهِب الْعدْل المرضية، وَمَا ظهر لكم من شمائل الْأمة النَّصْرَانِيَّة، من دغل الطوية، والحيدة عَن الْمذَاهب الجلية، وَإِنَّكُمْ آثرتم الْحق طَرِيقا، وارتضيتم الْعدْل فِي جنب الْعَدو صديقا، وأمرتم بخلاصهم من الشكايات الَّتِي تَقْتَضِي عَلَيْهِم إِيمَانهم، وطلبتم بِمَا يثبت للْمُسلمين بِمثل ذَلِك مِمَّا يَقْتَضِيهِ ضمانهم، وتوجيه من يُبَاشر هَذَا الْغَرَض، الَّذِي تفضلتم بإبرام عقده، وإتمام قَصده، فقابلنا هَذِه الْمَقَاصِد الْكَرِيمَة، الَّتِي لم تدع سَبِيلا فِي الوفا إِلَّا نهجته، وَلَا مَطْلُوبا إِلَّا أنتجته بالشكر الطَّوِيل المديد، وَالثنَاء الغض الْجَدِيد، وَالدُّعَاء لمقامكم بصلَة التَّوْفِيق والتسديد، وَاعْلَمُوا أيدكم الله، أَن النصرى كَمَا تقدم، أمه تجَادل فِي الْحق بعد بَيَانه، وتتمسك بالحبال الرثيثة بعد وضوح برهانه، وَلَو كَانُوا على آثاره من إنصاف، واتصفوا من الانقياد للْوَاجِب بِبَعْض اتصاف، لم يَكُونُوا أهل بَاطِل مُعْتَقد، وزيغ منتقد، ولاكن أبلغ عدلكم الْأُمُور مُنْتَهَاهَا، وتمم أَسبَاب النصفة ووفاها، وَنحن ناظرون فِي تعْيين من يُبَاشر مَا ذكرْتُمْ حَسْبَمَا بِهِ أشرتم، وَعِنْدنَا من الشُّكْر الجزيل مَا يقصر عَنهُ اللِّسَان، وَمن الثنا على هَذِه الْأَغْرَاض الْكَرِيمَة مَا لَا يُدْرِكهُ الِاسْتِحْسَان، فَمَا زَالَت أَعمالكُم فِي سَبِيل الله كَرِيمَة الْخَوَاتِم والفواتح شاهدة بِمَا لكم عِنْد الله