شمس دَعوتنَا من الْمغرب، فَقَامَتْ عَلَيْهَا السَّاعَة، وأجزنا الْبَحْر تكَاد جهتاه تتقارب تيسيرا، ورياحه لَا تعرف فِي غير وجهتنا مسيرًا. وَكَأن مَاءَهُ ذوب لَقِي إكسيرا. ونهضنا يتقدمنا الرعب، ويتبعنا الدعا، وتحاجى بِنَا الْإِشَارَة ويحفزنا الاستدعاء، وأقصر الطاغية عَن الْبِلَاد، بعد أَن ترك ثغورها مهتومة، والإخافة عَلَيْهَا محتومة، وطوابعها مفضوضة، وَكَانَت بِنَا مختومة. وَأخذت الخائن الصَّيْحَة، فاختبل، وَظهر هوره الَّذِي عَلَيْهِ جبل، فَجمع أوباشه السفلة وأوشابه، وطرقه الَّذِي غش بِهِ المخض وشابه، وَعمد إِلَى الذَّخِيرَة، الَّتِي صانتها الأغلاق الحريزة، والمعاقل العزيزة، فَمَلَأ بهَا المناطق، واستوعب الصَّامِت والناطق، والوشح والغراطق، وَاحْتمل عدد الْحَرْب والزينة، وَخرج لَيْلًا عَن الْمَدِينَة، واقتضت آراؤه الفائلة، وهامته الشايلة، ودولة بغيه الزائلة، أَن يقْصد طاغية الرّوم بقضه وقضيضه، وأوجه وحضيضه، وطويله وعريضه، من غير عقد اقْتضى وثيقته، وَلَا أَمر عرف حَقِيقَته، إِلَّا مَا أمل اشْتِرَاطه من تَبْدِيل الْكَلِمَة، واستئصال الْأمة الْمسلمَة، فَلم يكن إِلَّا أَن تحصل فِي قَبضته، ودنا من مَضْجَع ربضته، وَاسْتَشَارَ نصحاه فِي أمره، وَحكم الْحِيلَة فِي جِنَايَة غدره، وشهره بِبَلَدِهِ، وَتَوَلَّى بعد قَتله بِيَدِهِ، وَألْحق بِهِ بِعَبْد جَمِيع من أمده فِي غيه، وَظَاهره على سوء سَعْيه. وَوجه إِلَيْنَا برءوسهم، فَنصبت بمشور غدرها، وقلدت لبة تِلْكَ البنية بشذرها، وأصبحت عِبْرَة للمعتبرين، وَآيَة للمبصرين وأحق الله الْحق بكلماته، وَقطع دابر الْكَافرين. وَعِنْدنَا إِلَى أريكة ملكنا، كَمَا رَجَعَ الْقَمَر إِلَى بَيته، بعد كيتة وكيته، أَو العقد إِلَى جيده، بعد انتشار فريده، أَو الطير إِلَى وَكره، مفلتا من غدر الشّرك ومكره، ينظر النَّاس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015