فِي الدفاع عَنَّا أتم الاستبصار، وَرَضوا لبيوتهم المصحرة، وبساتينهم المستبحرة، بِفساد الْحَدِيد وعياث النَّار، وَلم يرْضوا لجوارهم بالإخفار، وَلَا لنفوسهم بالعار. إِلَى أَن كَانَ الْخُرُوج عَن الوطن بعد خطوب تسبح فِيهَا الأقلام سبحا طَويلا، وتوسعها الشجون شرحا وتأويلا، ويلقى الْقَصَص مِنْهَا الْأَذَان قولا ثقيلا، وجزنا الْبَحْر، وضلوع موجه إشفاقا علينا تخفق، وأكف رياحه حسرة تصفق، ونزلنا من جناب سُلْطَان بني مرين على المثوى الَّذِي رحب بِنَا ذرعه، وَدلّ على كرم الاصول فرعة، والكريم الَّذِي وهب فأجزل، وَنزل لنا عَن الصهوة وتنزل، وَخير وَحكم، ورد على الدَّهْر الَّذِي تهكم، واستعبر وَتَبَسم، وآلى وَأقسم، وبسمل وَقدم، واستركب لنا واستخدم. وَلما بدا لما وَرَاءَنَا سيئات مَا اكتسبوا، وحققوا مَا حسبوا، وطفا الغثا ورهبوا، وَلم ينشب الشقى الجرى أَن قتل البائس الَّذِي مده بزيفه، وطوقه بِسَيْفِهِ، وَدلّ ركب المخافة على خيفة، إِذْ أَمن الْمَغْصُوب من كَيده، وَجعل ضرغامه بازيا لصيده، واستقل على أريكته اسْتِقْلَال الظليم، على تريكته، حاسر الهامة، متنفقا بالشجاعة والشهامة، مستظهرا بِأولى الْجَهَالَة والجهامة، وَسَاءَتْ فِي محاولة عَدو الدّين سيرته. وَلما حصحص الْحق انتكثت مريرته، وخبثت سَرِيرَته، وارتابت لحينه المستور جيرته، وفغر عَلَيْهِ طاغية الرّوم فَمه فالتهمه، وَمد عَلَيْهِ الصَّلِيب ذراعه فراعه، وَشد عَلَيْهِ الْكفْر يَده، فَمَا عضده الله وَلَا أيده، وتخرمت ثغور الْإِسْلَام بعد انتظامها، وَشَكتْ إِلَى الله باهتضامها، وغصت بأشلاء عباد الله وعظامها ظُهُور أوضامها، وركلت السّنة وَالْجَمَاعَة، وانقطعت من النجح الطَّاعَة، واشتدت المجاعة، وطلعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015